شبكة أفيخاي ترفع اللثام.. من الاختفاء خلف أقنعة متعددة إلى قاع السقوط المدوي

لم تكن شبكة أفيخاي للتحريض الإعلامي التابعة للاحتلال الإسرائيلي مجرد مبادرات عابرة على وسائل التواصل الاجتماعي، بل منظومة متكاملة تعمل بتمويل ورعاية رسمية، هدفها الأساسي ضرب الوعي الفلسطيني وتشويه صورة المقاومة حتى لو كان عبر الاختفاء خلف أقنعة متعددة.
ومع طول أمد حرب الإبادة الجماعية على غزة، أخذت هذه الشبكة تكشف عن وجهها الحقيقي، بعدما سقطت الأقنعة التي كانت تختبئ خلفها، لتظهر شخصيات فلسطينية انخرطت في مشروع الدعاية الاحتلالية، أمثال حمزة المصري ورمزي حرز الله، اللذين انتقلا من التغني بالمقاومة إلى مهاجمتها علنًا، دون خجل أو تردد.
إذ في بداية الحرب، لجأت شبكة أفيخاي –نسبة إلى المتحدث باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي– إلى تكتيك قديم متجدد: اختراق الساحة الفلسطينية عبر أصوات محلية تحمل شعارات وطنية أو خطابًا إنسانيًا عامًا، بهدف تمرير رسائلها الدعائية دون أن يُدرك المتلقي أنها صادرة عن العدو.
في هذا السياق، برزت أسماء مثل حمزة المصري ورمزي حرز الله، اللذين قدّما أنفسهما كجزء من المزاج الشعبي الفلسطيني الرافض للحرب والمناصر للمقاومة. وقد كانا يتغنيان بالتضحيات والبطولات، ويتحدثان عن العدالة والحرية، في محاولة لكسب ثقة الجمهور.
لكن مع طول أمد الحرب، ومع انكشاف خيوط الشبكة، ظهر التحول الفجائي: من التغني بالمقاومة إلى الهجوم المباشر عليها، وباللغة نفسها التي يستخدمها أفيخاي أدرعي وأذرع الاحتلال الإعلامية.
شبكة افيخاي ويكيبيديا
لا يمكن تفسير التحول الذي أقدم عليه المصري وحرز الله باعتباره “مراجعة شخصية” أو “تغير قناعات”، بل هو سقوط مدوٍ كشف أن وجودهما كان منذ البداية جزءًا من منظومة دعائية منظمة، تنتظر اللحظة المناسبة لكشف خطابها الحقيقي.
فاليوم، لا يتحدث أعضاء شبكة أفيخاي إلا بلغة الاحتلال، بحيث يحملون المقاومة مسؤولية الدمار في غزة، ويرددون أن “المواجهة عبثية” وأن “الحل الواقعي” هو الاستسلام لشروط الاحتلال، ويشككون في إنجازات المقاومة وصمودها.
بهذا السقوط، يرفع أعضاء شبكة أفيخاي الغطاء بحيث لم تعد تكتفي بالرسائل المبطنة، بل انتقلت إلى الهجوم العلني والمباشر على المقاومة الفلسطينية، متوهمة أن ذلك قد ينجح في اختراق وعي شعب أنهكته الحرب.
استراتيجية الحرب على الوعي
تعتمد شبكة أفيخاي على أدوات مدروسة في حربها الإعلامية:
تجنيد شخصيات محلية: استخدام أصوات فلسطينية لترديد خطاب الاحتلال يمنحه مصداقية زائفة.
التدرج في الخطاب: البداية بشعارات عامة عن رفض الدماء والمعاناة، ثم الانزلاق التدريجي إلى الهجوم على المقاومة.
استغلال وسائل التواصل الاجتماعي: المنصات الرقمية تحولت إلى ساحة مركزية لتمرير الرسائل، مستفيدة من سرعة الانتشار وقابلية التضليل.
توقيت مدروس: تُكثّف الشبكة خطابها في لحظات الإنهاك الشعبي أو بعد المجازر، أملاً في زعزعة الثقة بخيار المقاومة.
لكن ما غاب عن مخططي هذه الشبكة هو أن الشعب الفلسطيني، الذي عاش عقودًا من الخداع والمؤامرات، أصبح أكثر وعيًا بتمييز الخطاب الموجه عن الموقف الصادق، وأكثر قدرة على كشف الأقنعة قبل أن تسقط.
وعليه فإن سقوط حمزة المصري ورمزي حرز الله ليس حدثًا فرديًا، بل له أبعاد أوسع:
انكشاف شبكة أفيخاي: لم يعد ممكنًا إخفاء أن هناك منظومة يقودها الاحتلال تستثمر في “وكلاء محليين” لضرب الجبهة الداخلية.
تعزيز الوعي الشعبي: بدلًا من تحقيق أهدافها، أدى سقوط الأقنعة إلى رفع مستوى الحذر الشعبي من الخطاب المضلل، وفضح كل من يكرر سرديات الاحتلال.
تعرية التحالفات الإقليمية: هذا السلوك يتقاطع مع مشاريع التطبيع العربي، خصوصًا الإماراتي والسعودي، التي تستثمر في الإعلام الموجه لضرب المقاومة وتشويهها.
المقاومة كفكرة لا تُهزم
رغم كل ما يُبث من حملات تحريض وتشويه، تبقى المقاومة فكرة متجذرة في الوعي الفلسطيني، لا يمكن إزاحتها بخطاب إعلامي أو حرب نفسية.
قد يسقط أفراد هنا وهناك، وقد تنكشف أقنعة متساقطة، لكن ما يظل ثابتًا هو إيمان الشعب بأن الاحتلال لا يرحل إلا تحت الضغط والمواجهة، لا بالاستسلام أو التماهي مع دعايته.
وقد رفع المصري وحرز الله اللثام، لكن سقوطهما شكّل جرس إنذار للجمهور الفلسطيني بضرورة التمسك بالوعي النقدي، ورفض أي خطاب يبرر الاحتلال أو يساوي بين الضحية والجلاد.
وفي نهاية المطاف، ستبقى المقاومة –برغم الحملات الإعلامية والحروب النفسية– هي العنوان الأبرز لصمود الشعب الفلسطيني، فيما ستبقى شبكة أفيخاي مثالًا على سقوط الأقنعة أمام وعي لا ينكسر.