تحليلات واراء

تآمر الإمارات مع الاحتلال في حرب غزة: أبرز المحطات والدلالات

برز دور دولة الإمارات منذ اندلاع حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، كأحد أكثر الأدوار العربية إثارة للجدل، إذ اتخذت أبوظبي مواقف وخطوات عملية عكست تواطؤاً مباشراً مع الاحتلال الإسرائيلي في أكثر مراحله دموية.

فبدلاً من الاصطفاف مع الشعب الفلسطيني في مواجهة حرب الإبادة، اختارت الإمارات تعزيز علاقاتها مع تل أبيب وتقديم خدمات متعددة الأبعاد لإسنادها، وهو ما كشف عن عمق التحالف السياسي والأمني بين الجانبين.

إدانة “طوفان الأقصى”.. اصطفاف مبكر مع السردية الإسرائيلية

بدأت المؤامرة الإماراتية منذ الساعات الأولى لعملية طوفان الأقصى التي شنتها المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

فقد سارعت أبوظبي إلى إصدار إدانة شديدة للعملية من على أعلى المنابر الدولية، مقدمة نفسها كصوت عربي يتبنى رواية الاحتلال حول ما جرى.

هذا الموقف شكّل أول مسمار في تثبيت السردية الإسرائيلية التي حاولت تصوير المقاومة كـ”إرهاب” في مواجهة “دولة تدافع عن نفسها”.

التحريض على المقاومة وشيطنتها

لم تكتف الإمارات بالموقف السياسي، بل واصلت حملات التحريض ضد فصائل المقاومة الفلسطينية، ووصفتها في أكثر من مناسبة بأنها تنظيمات إرهابية ينبغي التخلي عنها.

كما دفعت باتجاه تسويق هذا الخطاب في المحافل العربية والدولية، محاولةً نزع الشرعية عن المقاومة التي تمثل حجر الأساس في معادلة الردع الفلسطينية.

التواطؤ في الحصار وتجويع غزة

من أبرز محطات التآمر الإماراتي التساوق مع تشديد الحصار الإسرائيلي على غزة.

فبينما كان سكان القطاع يواجهون المجاعة، ركزت الإمارات على إنزالات جوية محدودة للمساعدات لا تسمن ولا تغني من جوع، رافقتها ضجة إعلامية تضخم من حجمها، فضلاً عن الحديث المتكرر عن “قوافل إغاثية وهمية”.

ويؤكد مراقبون ومختصون أن هذه الخطوات لم تكن سوى محاولة لتبييض صورة الاحتلال والتغطية على معاناة الفلسطينيين، إذ أن المأساة الإنسانية تفاقمت بفعل استمرار الحصار الذي لم تعترض عليه أبوظبي مطلقاً.

دعم اقتصادي مباشر للاحتلال

إحدى المحطات اللافتة تمثلت في الدور الإماراتي في تخفيف آثار أزمة الإمدادات على دولة الاحتلال بعد تضرر الواردات الإسرائيلية بفعل هجمات الحوثيين على الملاحة في البحر الأحمر.

إذ أن الإمارات فتحت أذرعها لتوفير خطوط إمداد برية عبر أراضيها، مما ساعد الاحتلال في سد النقص الحاد في الغذاء والمواد الأساسية. هذه الخطوة اعتُبرت بمثابة شريان حياة اقتصادي مكّن دولة الاحتلال من الاستمرار في حربها رغم الخسائر الاستراتيجية في البحر.

تسليح وتمويل العصابات المسلحة

أكثر مظاهر التواطؤ خطورة تجلت في مشاركة الإمارات في خطط الاحتلال لتأسيس عصابات مسلحة داخل غزة.

فوفق تقارير إعلامية وشهادات ميدانية، لعبت أبوظبي دوراً في تسليح وتمويل وترويج هذه العصابات إعلامياً، بهدف ضرب النسيج الداخلي الفلسطيني وإضعاف المقاومة من الداخل.

ويعكس هذا المشروع المشترك بين دولة الاحتلال والإمارات انتقال العلاقة من التطبيع السياسي إلى تآمر أمني مباشر ضد الفلسطينيين.

مؤامرات “اليوم التالي”

انخرطت الإمارات في الترويج لخطط إسرائيلية ودولية تحت عنوان “اليوم التالي للحرب”.

تتضمن هذه الخطط نزع سلاح المقاومة وإقصاء فصائلها عن المشهد، ومحاولة فرض إدارة بديلة للقطاع بغطاء عربي ودولي.

وقد لعبت أبوظبي هنا دور رأس الحربة في تسويق هذه التصورات في العواصم الغربية والعربية، محاولةً إقناع الأطراف الإقليمية بأن المقاومة عقبة أمام الاستقرار، في وقت يتعرض فيه الشعب الفلسطيني لأبشع الجرائم.

الدعم العسكري المباشر لإسرائيل

تم رصد أكثر من مرة نقل معدات عسكرية من الإمارات إلى دولة الاحتلال خلال الحرب، وهو ما يضع أبوظبي في خانة الشريك العملي في المجهود الحربي للاحتلال.

ورغم محاولات التعتيم على هذه العمليات، إلا أن تسريبات وتقارير غربية كشفت عنها، لتؤكد أن العلاقة تجاوزت حدود التطبيع السياسي والاقتصادي نحو تعاون عسكري معلن.

عرقلة المواقف العربية والإسلامية لنصرة غزة

لعبت الإمارات دوراً معرقلاً في منع تبلور موقف عربي أو إسلامي جاد لنصرة الشعب الفلسطيني.

فبينما طالبت الشعوب بقرارات قوية ضد الاحتلال، كانت أبوظبي تقف حجر عثرة أمام أي تحرك جماعي يتجاوز البيانات الرمزية. هذا التعطيل وفر لإسرائيل مساحة واسعة لمواصلة حربها دون خوف من تبعات إقليمية.

تعزيز التطبيع في ظل الدم النازف

رغم شلال الدماء المتواصل في غزة، اختارت الإمارات رفع مستوى علاقاتها مع دولة الاحتلال، واستقبلت كبار مسؤوليها في عدة مناسبات، في تجاهل كامل للمجازر اليومية بحق المدنيين.

ولم تحمل هذه اللقاءات سوى رسالة واحدة: أن الحرب على غزة لم تُضعف مسار التطبيع، بل زادت من متانته. وهو ما مثّل استفزازاً للرأي العام العربي والإسلامي، وكشف عن انفصال تام بين سياسات أبوظبي وتطلعات شعوب المنطقة.

وبالمجمل تُظهر هذه المحطات المتعددة أن الإمارات لعبت دوراً يتجاوز الصمت أو الحياد، إلى الانخراط النشط في مؤامرة تستهدف الفلسطينيين ومقاومتهم وتقديم الغطاء العربي للاحتلال في أكثر مراحله دموية.

وهذا الدور لا يضع أبوظبي في خانة “المتواطئ” فقط، بل يجعلها شريكاً موضوعياً في حرب الإبادة الجارية على غزة، بما تحمله من جرائم وانتهاكات جسيمة للقانون الدولي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى