ورقة تحليلية: تكرار “إسرائيل” تجربة جيش لحد في غزة “لعب بالنار”

أبانت ورقة تحليلية النقاب عن تحول جذري في الاستراتيجية الإسرائيلية صوب قطاع غزة، يتمثل في اللجوء إلى دعم وتسليح عصابات مسلّحة بهدف إشاعة الفوضى، وتفتيت الجبهة الداخلية للمقاومة عقب الفشل العسكري في تحقيق أهداف الحرب المستمرة منذ 21 شهرا.
جاء ذلك في ورقة تحليلية نشرها مركز الدراسات السياسية والتنموية في غزة يوم السبت بعنوان: اللعب بالنار: تحليل لارتدادات تسليح الاحتلال لعصابات مسلّحة داخل غزة”.
وأكدت الورقة أن الاحتلال لجأ إلى هذا الخيار بعد فشله بفرض قيادات عشائرية بديلة عن حركة حماس، أو تحقيق الحسم العسكري الموعود منذ بدء العدوان في 7 أكتوبر 2023، وتصاعدت مؤشرات التحول بعد ظهور جماعات مسلحة تعمل في مناطق جنوب القطاع.
وأشارت إلى أن هذه الجماعات تعمل بتنسيق ميداني مباشر مع جيش الاحتلال، وتنشط بمناطق شرق رفح الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية.
ووفق تقارير الأمم المتحدة فإن الجماعة شاركت في عمليات سطو على شاحنات الإغاثة وفرض أتاوات عليها، “تحت أعين الجيش الإسرائيلي”، وفق تعبير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA).
وفي تطور نوعي، كشفت الورقة عن أن طائرات مسيّرة إسرائيلية تدخلت مؤخرًا لحماية هذه العصابات، عبر استهداف مقاومين من حركة حماس كانوا في اشتباك مباشر معها، ما يوضح مدى التورط الإسرائيلي في حماية ودعم المليشيات بشكل مباشر
وتعزز الورقة معلوماتها باعترافات مسؤولين إسرائيليين بارزين؛ إذ كشف أفيغدور ليبرمان وزير الجيش الأسبق بتاريخ 5 يونيو 2025، بأن حكومة بنيامين نتنياهو أدخلت كميات من السلاح الخفيف إلى غزة دون مصادقة الكابينت، في خطوة أثارت جدلًا سياسيًا واسعًا.
كما أقر نتنياهو ضمنيًا بهذا التوجه، قائلاً إن حكومته تستخدم “وسائل متنوعة بتوصية من الأجهزة الأمنية” لمحاربة حماس.
في المقابل، عبّر عدد من المسؤولين الإسرائيليين عن رفضهم وتحذيرهم من هذه السياسة. فليبرمان حذّر من انقلاب هذه الجماعات في المستقبل، في حين وصف وزير المالية بتسلئيل سموتريتش الخطوة بأنها “تجاوز خطير لصلاحيات الحكومة”، بينما قال السياسي يائير غولان إن نتنياهو “يخلق قنبلة موقوتة جديدة” للهروب من ملف صفقة تبادل الأسرى.
أوردت الورقة أيضًا ما نشرته صحيفة “هآرتس” العبرية في تحقيق موسع، كشفت فيه عن تواطؤ الجيش الإسرائيلي في تسهيل عمليات النهب، واستهدافه للشرطة المحلية التي كانت تؤمّن قوافل الإغاثة، لإفساح المجال أمام العصابات.
وخلصت الورقة إلى أن هذه السياسة الإسرائيلية تنطوي على مخاطر مرتفعة، بينها انفلات أمني وارتداد محتمل للسلاح الموزّع على هذه العصابات ضد الجيش والمستوطنين، فضلًا عن تعقيد المشهد الداخلي في غزة.
وحذرت الورقة من تكرار تجربة “مليشيا أنطوان لحد” جنوب لبنان، التي انتهت بانهيار مدوٍّ وخسائر جسيمة للاحتلال.
ودعت الورقة إلى فضح المشروع إعلاميًا وسياسيًا، وتعزيز الوعي المجتمعي بخطورة هذه الجماعات، إلى جانب المطالبة بتحقيق دولي في عمليات نهب المساعدات، ودعم جهود المقاومة في تفكيك هذه الشبكات.
وأوصت بتحصين الجبهة الداخلية وتعزيز صمودها في وجه محاولات التفتيت من الداخل.