تحليلات واراء

إلى مجلس مفوضي الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان – فلسطين

بقلم المحامي الدكتور عصام عابدين

إلى مجلس مفوضي الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان – فلسطين
من المستشار القانوني السابق لرئاسة المجلس التشريعي الفلسطيني

تحية الحق والعدالة،

أنتم اليوم مطالبون، لا مُخيّرين، بإصدار بيان توضيحي علني يحفظ ما تبقّى من مصداقيتكم، ويُوضح للرأي العام أسباب خروجكم الخطير عن سيادة القانون، ومبادئ الحوكمة، ومبادئ باريس التي التزمتم بها دولياً، وسقوطكم المدوّي في التماهي مع النهج السلطوي، من خلال التمديد للمدير العام لأربع سنوات إضافية، بعد أكثر من تسع سنوات من التشبث بالموقع تحت غطائكم… وكأن التداول القيادي جريمة، وكأن الشفافية خطرٌ على “الاستقرار المؤسسي”!

ما لم يصدر هذا البيان، فإنكم تُعلنون، بصمتكم، أنكم تعتبرون أنفسكم – كما السلطة التي اعتادت إدارتكم التنفيذية اللهاث وراء مناصبها وامتيازاتها – خارج الرقابة الشعبية والمساءلة، فوق الناس، وفوق القيم، وفوق الدستور.

هذا الانحدار لا يجوز السكوت عليه، ويقتضي – والحالة تلك – مخاطبة اللجنة الفرعية للاعتماد (Sub-Committee on Accreditation – SCA) التابعة للتحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان (GANHRI)، ببلاغ مُوثّق يُحيل الانحرافات الجوهرية عن مبادئ باريس إلى المحاسبة الدولية، بما يشمل إجراءات مراجعة التصنيف (A) للهيئة، وإعادة تقييم مدى أهليتها ومصداقيتها لتمثيل الضحايا الفلسطينيين في المحافل الأممية.

إن استقلالية الهيئة كمؤسسة وطنية، ليست امتيازاً لمجلس مفوضين يعمل في الظلام ويُدار كالدمية، بل حقٌّ أصيلٌ للناس؛ أولئك الذين تُنتهك حقوقهم يومياً، ويبحثون عن منبرٍ حقيقي لا عن غطاءٍ فاقدٍ للثقة والشرعية.

ومن يُنكر هذا الحق – سواء في موقع المفوضية أو الإدارة التنفيذية – لا يملك شرعية الحديث عن الحقوق والكرامة الإنسانية، ولا أن يتربع على منبر الدفاع عن الضحايا، لا سيما في زمن الانتهاكات الممنهجة لحقوق الإنسان، والجرائم الدولية، والسقوط المدوي للمؤسسات التي ادّعت تمثيل الضحايا ثم خذلتهم بالصمت والتواطؤ.

وختاماً، فإن المساءلة آتية لا محالة، داخلياً ودولياً، ولن يُعفيكم الاختباء في الظلام من الحقيقة الصارخة: لقد فقدتم البوصلة.

ومَن فقدها، يُحاسَب ويُغادر بصمت.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى