تحليلات واراء

تهميش إقليمي ودولي للسلطة بتغييبها عن قمة شرم الشيخ بشأن غزة

أكدت مصادر سياسية مطلعة أن السلطة الفلسطينية لم تُدعَ للمشاركة في قمة شرم الشيخ التي ستُعقد غدًا الاثنين، لبحث تثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بمشاركة زعماء وقادة من عشرين دولة وبرئاسة مشتركة بين الولايات المتحدة ومصر.

ويُعد هذا الاستبعاد أحدث مؤشر على ما يصفه مراقبون بتهميش متعمد لدور السلطة في أي ترتيبات سياسية أو أمنية تخص قطاع غزة بعد الحرب المدمرة التي استمرت عامين بما يكرس حجم التراجع الإقليمي والدولي لمكانة السلطة.

وقد كشف مصدر رفيع في رام الله، لصحيفة (العربي الجديد)، أن الرئيس محمود عباس حاول التواصل مباشرة مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بصفته الجهة الداعية للقمة، وطلب عقد لقاء ثنائي على هامش القمة لتأكيد “أن قيادة السلطة ما تزال الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني”.

لكن، وفق المصدر فإن الرئيس المصري لم يستجب للطلب، ولم تُدرج السلطة ضمن قائمة المدعوين الرسميين، لأن خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن غزة لا تتضمن أي دور مباشر للسلطة في المرحلة الانتقالية المقبلة.

وأكد المصدر ذاته أن غياب الدعوة شكّل صدمة في أوساط قيادة السلطة، التي كانت تعوّل على أن تكون طرفًا أساسيًا في مناقشة مستقبل غزة السياسي والإداري بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي وبدء الترتيبات الدولية لنشر قوات استقرار متعددة الجنسيات في القطاع.

ويشير هذا التجاهل إلى تراجع غير مسبوق في الوزن السياسي للسلطة الفلسطينية لدى العواصم المؤثرة، خاصة القاهرة وواشنطن، اللتين باتتا تنسقان مع أطراف إقليمية أخرى — أبرزها قطر وتركيا — دون المرور عبر رام الله.

وأعلنت مصر، مساء السبت، استضافتها قمة دولية في شرم الشيخ غدًا الاثنين، لبحث ترتيبات ما بعد وقف إطلاق النار في غزة. ومن المقرر أن يترأس القمة كلٌّ من الرئيس المصري والرئيس الأميركي دونالد ترامب، بحضور قادة من 20 دولة تمثل القوى الغربية والإقليمية الكبرى المعنية بالملف.

سلطة رام الله خارج المشهد

يرى محللون أن تغييب السلطة الفلسطينية عن قمة شرم الشيخ يعكس تحولًا استراتيجيًا في التعاطي الدولي مع الملف الفلسطيني. فبعد عامين من حرب الإبادة في غزة، يظهر أن القوى الكبرى باتت تتعامل مع السلطة على أنها كيان فاقد للتأثير والشرعية الشعبية، لا يمتلك القدرة على فرض أي ترتيبات في القطاع أو حتى في الضفة الغربية التي تتآكل سيطرتها فيها.

كما يُظهر هذا التهميش أن مشروع “إدارة غزة” الذي تطرحه واشنطن وتتبناه القاهرة والدوحة، يتجاوز السلطة تمامًا، حيث يجري الحديث عن “لجنة فلسطينية تكنوقراطية انتقالية” بإشراف دولي يقوده الرئيس ترامب وتوني بلير، من دون أي تمثيل مباشر لحكومة رام الله.

في هذا السياق، يؤكد خبراء أن غياب السلطة عن القمة يكشف عمق عزلتها السياسية، خاصة بعد أن راهن الرئيس عباس طويلاً على علاقاته مع الغرب وموقفه الداعي إلى المفاوضات السلمية.

لكن التطورات الأخيرة، بما في ذلك استبعاد السلطة من أي دور في ترتيبات ما بعد الحرب، أظهرت أن “السياسة الدبلوماسية الهادئة” التي انتهجها عباس لم تحقق أي مكاسب ملموسة.

ويرى المحللون أن هذا التهميش يضع السلطة أمام مفترق مصيري: فإما أن تستعيد شرعيتها عبر مصالحة داخلية حقيقية وتبني موقفًا وطنيًا موحدًا مع القوى الفلسطينية، أو تواصل التآكل التدريجي حتى تتحول إلى جهاز إداري بلا تأثير سياسي، يدار من الخارج ويتجاوزه المشهد الإقليمي الجديد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى