إقالة وزير المالية: عباس يوجه رسالة بحزم بشأن مخصصات الأسرى

كشف مصادر مطلعة أن قرار الرئيس محمود عباس بإقالة وزير المالية عمر البيطار جاء على خلفية السماح بصرف مخصصات مالية لأسرى وفق النظام القديم، الذي كان يعتمد على طول مدة الحكم في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
ويأتي هذا القرار في إطار جهود السلطة لضبط آليات صرف المخصصات المالية للأسرى وعائلاتهم، بعد تغييرات جذرية أدخلت على النظام في الأشهر الماضية تحت ضغوط إسرائيلية وأمريكية.
وأعلن مكتب عباس في بيان مقتضب أن وزير التخطيط والتعاون الدولي اسطفان سلامة سيتولى مهام وزارة المالية خلفًا للبيطار، دون ذكر أسباب مباشرة للقرار.
إلا أن مصادر مطلعة أشارت لصحيفة “تايمز أوف إسرائيل” إلى أن التحقيقات كشفت أن عددًا محدودًا من الأسرى تلقوا مخصصاتهم الأخيرة وفق النظام القديم، على الرغم من اعتماد السلطة نظامًا جديدًا يقصر المخصصات على الاحتياجات الاجتماعية والإنسانية للأسرى وعائلاتهم، بعيدًا عن ربطها بطول مدة الحكم.
وكان النظام القديم، الذي أُلغي رسميًا في فبراير الماضي، يحدد قيمة المخصصات المالية بناءً على طول فترة الاعتقال، وهو ما وصفته السلطات الدولية بأنه قد يحفز على العنف ويخلق حوافز غير مناسبة داخل السجون، وهو ما دفع الولايات المتحدة وإسرائيل إلى ممارسة ضغوط مستمرة لإصلاحه.
وفي كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي، زعم عباس أن “الإصلاح الجديد أصبح نافذًا بالكامل، وأن السلطة ملتزمة بتطبيقه لضمان العدالة والمساواة بين الأسرى وفق المعايير الإنسانية والاجتماعية”.
ومع ذلك، أظهرت التحقيقات أن بعض الأسرى وعائلاتهم حصلوا على دفعاتهم الأخيرة وفق الآلية القديمة، ما أثار جدلًا واحتجاجًا محدودًا بين ذوي الأسرى الذين عبروا عن رفضهم لأي تقليص في حقوقهم المالية.
وقال مسؤول فلسطيني طلب عدم كشف هويته، إن إقالة البيطار تعكس جدية قيادة السلطة في تطبيق النظام الجديد وضبط آليات الصرف، مشيرًا إلى أن الهدف من ذلك هو تفادي أي استغلال أو تجاوزات مالية، وضمان أن تصل المخصصات إلى المستحقين وفق القواعد المقررة، بعيدًا عن الاعتبارات السياسية أو الانتقامية.
ويقول محللون إن الإقالة تهدف إلى إرسال رسالة واضحة لكل المسؤولين في السلطة بأن تطبيق الأنظمة الجديدة ومراقبة آليات الصرف يُعد من أولويات الإدارة الفلسطينية، وأن أي مخالفة ستواجه بمحاسبة مباشرة.
وتتزامن هذه الخطوة مع مرحلة دقيقة في العلاقة بين السلطة والولايات المتحدة ودولة الاحتلال الإسرائيلي، حيث تواصل الأطراف الضغط على القيادة الفلسطينية للامتثال للمعايير الدولية في إدارة ملفات الأسرى والصرف المالي، بزعم ضمان عدم استخدام المخصصات كأداة تحريضية أو سياسية.
ويشير محللون سياسيون إلى أن هذه الإقالة، على الرغم من كونها محدودة، تحمل رمزية كبيرة، إذ أنها تعكس تصميم عباس على تنفيذ ما يسميه الإصلاحات حتى على مستوى القيادات العليا في السلطة، بما في ذلك الوزراء الذين قد تتعارض سياساتهم أو أساليب عملهم مع الأنظمة الجديدة.
ويبدو أن هذه الخطوة تأتي في سياق أكبر لإعادة ترتيب الملفات المالية والحقوقية للسلطة بما يعكس خضوعها الكامل للإملاءات الإسرائيلية والأمريكية على حساب ثوابت الشعب الفلسطيني قضاياه المركزية، خاصة الأسرى الذين يمثلون قضية مركزية في المجتمع الفلسطيني.





