تحليلات واراء

من هو هشام حرب الذي يتصدر الترند؟.. فدائي تطارده فرنسا وتتآمر السلطة عليه

من هو هشام حرب؟.. تثير قضية محمود العدرة المعروف باسمه الحركي “هشام حرب” جدلًا واسعًا، بعد مرور أسابيع على اعتقاله لدى السلطة الفلسطينية منذ 19 سبتمبر الماضي، قبل أيام من اعتراف فرنسا رسميًا بدولة فلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وتصدر ملف هشام حرب ترند محركات البحث الشهير مع إعلان النيابة العامة الفرنسية لقضايا الإرهاب أعلنت عن توقيف هشام حرب (مواليد 1955) في الضفة الغربية على يد أجهزة السلطة الفلسطينية في إطار حلقة جديدة في سجل طويل من الخيانة.

من هو هشام حرب؟

السلطات الفرنسية تتهم حرب بأنه أشرف على المجموعة المسؤولة عن هجوم على مطعم يهودي في شارع روزييه في باريس عام 1982.

وأسفر في حينه عن مقتل 6 أشخاص وإصابة 22 آخرين، ونسب حينها لمنظمة أبو نضال المنشقة عن حركة فتح.

باريس أشادت بالخطوة ووصفتها بـ”التطور الكبير”، فيما شكر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون السلطة الفلسطينية ورحب بـ”التعاون الممتاز”.

لكن خلف هذا المشهد، يطفو سؤال جوهري: هل ما جرى تعاون قضائي مشروع، أم حلقة جديدة من سلسلة تنازلات السلطة التي اعتادت العمل كوكيل أمني يخدم أجندات خارجية حتى لو على حساب الذاكرة الوطنية الفلسطينية؟.

هشام حرب ويكيبيديا

لطالما قدمت السلطة الفلسطينية نفسها ككيان يسعى لبناء مؤسسات وفرض “سيادة القانون”. لكن هذه الرواية تنهار عند التمعن في طبيعة القضايا التي تنخرط فيها.

إذ أن توقيف فلسطيني على أرض فلسطينية وتسليمه في ملف يعود لأكثر من 40 عامًا، يطرح شبهة الارتهان السياسي: لماذا لم يُفتح أي تحقيق وطني؟ ولماذا جرى التعامل مع الملف بصفته “أولوية فرنسية” بينما تغض السلطة الطرف عن جرائم الاحتلال في غزة والضفة؟.

الجواب يكمن في البنية الأمنية للسلطة نفسها، التي وُلدت من رحم “أوسلو” لتكون شريكًا وظيفيًا في حفظ أمن الآخرين أكثر من كونها مدافعًا عن حق الفلسطينيين.

ما لا تعرفه عن هشام حرب

اللافت بخطاب ماكرون هو لهجته المفعمة بالرضا: شكر السلطة على تعاونها، ووعد بالسعي لتسليم سريع. أي أن الإنجاز الأكبر في نظر باريس هو أن رام الله تحولت إلى مكتب فرعي ينفذ المطلوب لصالح القضاء الفرنسي.

وتعزز هذه الصورة الاتهامات القديمة بأن السلطة لا تمثل الإرادة الشعبية بل تعمل كأداة تنفيذ لإملاءات الخارج.

فيما تتباهى السلطة بـ”الخطوة الإجرائية الكبرى”، يغيب السؤال الأهم: لماذا لا تسلم مسئولو الاحتلال أنفسهم للعدالة رغم إدانات واضحة بارتكاب جرائم حرب بغزة والضفة؟.

من هو محمود العدرة؟

ولماذا يختزل مفهوم العدالة بملاحقة فلسطينيين عن أحداث مضى عليها أكثر من 4 عقود، بينما لا يحرك ساكنا تجاه المجازر المستمرة حتى اللحظة؟

إنها ازدواجية فاضحة: تستحضر سيادة القانون عندما يخدم الغرب، ويُهمل عندما يتعلق بضحايا الاحتلال. والسلطة، بانخراطها في هذه اللعبة، تكرّس صورتها كجزء من المنظومة لا كضحية لها.

وهذه ليست المرة الأولى التي تُتهم فيها السلطة بالتواطؤ فتاريخها مليء بالتنسيق الأمني مع الاحتلال، وباعتقالات طالت مقاومين لمجرد الاشتباه بعلاقتهم بفصائل رافضة للتسوية.

الجديد اليوم أن التعاون يتجاوز “إسرائيل” إلى الأجهزة الأوروبية، ما يفضح حقيقة الدور: جهاز أمني متعدد المهام يخدم من يدفع ويضغط.

سبب اعتقال هشام حرب

يشار إلى أن الهجوم على مطعم يهودي في باريس عام 1982، ارتبط بسياق صراع مفتوح في تلك المرحلة، حيث كانت منظمة أبو نضال واحدة من عشرات المجموعات التي رفعت السلاح ضد دولة الاحتلال وحلفائها.

ويأتي توقيف أحد المتهمين بعد أربعة عقود، في ظل حرب إبادة إسرائيلية جارية في غزة، كفعل انتقائي أخلاقيًا يساوي بين الضحية والجلاد ويغفل السياق الاستعماري.

بهذا المعنى، فإن السلطة لا تنتهك فقط مبدأ العدالة، بل تمارس خيانة للذاكرة الوطنية حين تستجيب لطلبات الإنتربول بينما تصمت عن قصف المستشفيات والمجازر اليومية في غزة.

وبالمحصلة فإن اعتقال هشام حرب علامة أخرى على انغماس السلطة بشبكة خيانات سياسية وأمنية ممتدة منذ “أوسلو”، إذ تتحول قضايا الشعب إلى أوراق مقايضة مع الغرب.

وفي وقت يحتاج فيه الفلسطينيون إلى موقف وطني موحد أمام جرائم الاحتلال، تصر السلطة على تقديم نفسها كشرطي حدود تابع للخارج والاستمرار بمسار التبعية وأداء وظيفتها وهي شرعنة الاحتلال وتبرئة حلفائه، بينما تسلم أبناءها واحدًا تلو الآخر على مذبح “التعاون الأمني الدولي”.

القصة الكاملة لـ محمود العدرة

ولد محمود العدرة عام 1955 في فلسطين وارتبط اسمه مبكرا بالنشاط الوطني والعمل الأمني، قبل أن يتقاعد برتبة عميد في الأجهزة الفلسطينية.

اشتهر لاحقًا باسمه الحركي “هشام حرب”، الذي استخدمه في نشاطاته السياسية والفكرية وإطلالاته الإعلامية، إذ عرف بجرأته في التعبير عن آرائه وانتقاده لسياسات السلطة في عدد من القضايا الوطنية.

وبحسب عائلة العدرة، فإن اعتقاله لدى الشرطة في مركز البالوع برام الله جاء بظروف غامضة، دون توجيه اتهام رسمي واضح حتى الآن.

وقالت العائلة في بيان إن “العميد المتقاعد يعاني من أمراض صعبة أبرزها سرطان المثانة وشبكيات في القلب، وأنهى قبل 3 أشهر فقط علاجه الكيميائي، وكان مقررا أن يبدأ علاجًا إشعاعيًا جديدًا خلال أسبوعين وفق البروتوكول الطبي”.

وبين أن العدرة “يعاني من انخفاض حاد في المناعة ويحتاج لرعاية طبية حثيثة لا يمكن توفيرها في مكان احتجازه الحالي”.

وأكدت أن الجهات الحقوقية والقانونية ومحامي العائلة أوضحوا أن محمود العدرة “لا يستوفي الشروط القانونية لتسليمه لفرنسا”.

السيرة الذاتية لـ هشام حرب

وحذرت العائلة من أن “أي خطوة بهذا الاتجاه قد تكون ذات خلفية سياسية وليست قانونية”.

وأعربت عن خشيتها من أن يكون هناك قرار سياسي بتسليم محمود العدرة إلى فرنسا، بوقت حساس تشهد فيه العلاقات الفلسطينية الأوروبية تحولاً ملحوظاً، خاصة بعد اعتراف فرنسا بدولة فلسطين في الأمم المتحدة.

ويثير توقيت الاعتقال تساؤلات حول أبعاده السياسية وربطه بملفات التعاون القضائي أو الأمني بين السلطة الفلسطينية ودول أوروبية.

ودعت العائلة والمؤسسات الحقوقية المحلية للإفراج الفوري عن محمود العدرة أو نقله إلى مستشفى متخصص لتلقي العلاج، مؤكدة أن وضعه الصحي لا يحتمل البقاء في مركز التوقيف.

كما طالبت منظمات المجتمع المدني والهيئات الحقوقية الدولية بمتابعة قضيته وضمان حصوله على الرعاية الطبية التي يكفلها القانون.

تسلط قضية محمود العدرة الضوء على التداخل بين المسارات القانونية والسياسية في السلطة وعلى “تراجع المعايير الحقوقية في التعامل مع المعتقلين المرضى”.

وقد يتحول مصير العدرة لاختبار جديد للعلاقة بين السلطة الفلسطينية والرأي العام مع تصاعد الانتقادات الداخلية لملف الحريات وحقوق الإنسان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى