تحليلات واراء

جسور نيوز تتطابق مع الاحتلال بوصف المقاومة الفلسطينية بالميليشيات

في سقطة مهنية وأخلاقية غير مسبوقة، ذهبت منصة “جسور نيوز” الممولة إماراتياً بعيداً في تطابقها مع دعاية الاحتلال الإسرائيلي، من خلال وصفها المقاومة الفلسطينية بالميليشيات وادعائها بأن سلاحها منفلت وأنها تستخدم المواطنين دروعاً بشرية.

ويعكس هذا التوجه تحيزاً صارخاً بمحاولة واضحة لتبرئة الاحتلال من مسؤولياته وتحميل المقاومة كامل المسؤولية عن الحرب والدمار في الأراضي الفلسطينية.

فقد نشرت المنصة المثيرة للجدل مزاعم كاذبة تزعم فيها أن “مسلحاً من حركة حماس في غزة وآخر من تنظيم مسلح في جنين أطلقا النار على عائلاتهم باستخدام أسلحة تنظيماتهم في حادثتين منفصلتين”.

وتظهر هذه المزاعم، التي لم يتم تأكيدها بأي مصدر مستقل وتنطوي على اختلاق فاضح وفبركة للحقائق، الانحياز الواضح للمنصة لمحاولة تشويه المقاومة، وخلق صورة مفادها أن الفلسطينيين يشكلون خطرًا على بعضهم البعض أكثر من الاحتلال نفسه.

ولم تتوقف المنصة عند هذا الحد، بل قامت بنشر مقطع فيديو آخر مصمم باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، تزعم فيه أن سكان غزة يتعرضون لاستغلالهم كدروع بشرية، وأن هناك ما أسمته “شهادات قاسية” تكشف أساليب المقاومة في استكشاف مواقع الجنود الإسرائيليين داخل الأبنية أثناء الحرب.

وتمثل هذه المواد، التي تحمل طابعاً مضللاً، مثالاً صارخاً على استخدام التكنولوجيا لنشر دعاية مكثفة، تهدف إلى تزييف الواقع وإظهار المقاومة وكأنها الطرف المعتدي والمسؤول عن المعاناة التي يمر بها المدنيون الفلسطينيون.

جسور نيوز ويكيبيديا

يتضح من متابعة أسلوب “جسور نيوز” أن تحريضها الإعلامي لا يقتصر على التشويه فحسب، بل ينسجم أيضاً مع الأجندة السياسية لدول التطبيع العربي، وعلى رأسها الإمارات.

فمن خلال تبني خطاب الاحتلال وتسليط الضوء على ادعاءات كاذبة ضد المقاومة، تسهم المنصة في تبييض صورة الاحتلال الإسرائيلي وخلق رواية بديلة تحاول تحميل الفلسطينيين مسؤولية المعاناة والدمار، فيما يتجاهل الاحتلال دوره المباشر في القصف والحصار وارتكاب الجرائم المستمرة بحق المدنيين.

في الوقت ذاته، تعكس هذه الحملة الإعلامية مدى الانحدار المهني والأخلاقي لبعض المنصات الممولة من الخارج، والتي تتحول إلى أدوات سياسية بامتياز تخدم أجندات الاحتلال.

إذ أن الاعتماد على مزاعم غير مؤكدة، ونشر مقاطع مصممة بالذكاء الاصطناعي، يضع هذه المنصات خارج إطار الصحافة المهنية، ويقوض مصداقيتها أمام جمهور القراء العرب والدوليين الذين يتابعون مجريات الصراع في فلسطين.

ومن المهم الإشارة إلى أن المقاومة الفلسطينية لم تستخدم المدنيين كدروع بشرية، كما تدعي المنصة، بل على العكس، حاولت قدر الإمكان حماية المدنيين ضمن الظروف الصعبة التي تفرضها الحرب، وتحت ضغط شديد من الاحتلال الذي يستهدف الأبنية السكنية والمناطق المدنية بشكل مباشر.

ووقد وثقت المئات من التقارير الدولية والمحلية انتهاكات إسرائيلية واضحة للقوانين الإنسانية، بما في ذلك استهداف المدنيين والمرافق الحيوية، بينما يتم توجيه الإعلام الغربي والخليجي نحو تشويه صورة المقاومة واتهامها زوراً بالتسبب في مأساة أهلها.

وتأتي حملة “جسور نيوز” في سياق أوسع، حيث بات الإعلام أداة سياسية بامتياز تُستخدم لتزييف الحقائق والتأثير على الرأي العام.

ويسهم هذا التحريض المستمر في خلق حالة من الاستقطاب، ويُضعف أي جهود للضغط على الاحتلال لممارسة مسؤولياته القانونية والإنسانية.

كما أنه يساهم في ضرب الثقة بين المقاومة والجمهور، من خلال روايات مضللة تحاول تصوير المقاومة وكأنها الطرف المعتدي الوحيد في الصراع، وهو ما يتناقض مع الوقائع على الأرض.

يضاف إلى ذلك أن استخدام مقاطع الذكاء الاصطناعي لابتكار شهادات ومشاهد لم تحدث، يشكل خطراً جديداً على المشهد الإعلامي، ويكشف هشاشة بعض المنصات أمام الإغراءات المالية والسياسية بهدف إدانة المقاومة ورفع حصانة الاحتلال، وهو ما ينسجم مع أهداف سياسية أوسع لدول التطبيع، التي تسعى إلى إعادة تشكيل الرأي العام العربي بما يخدم مصالحها على حساب القضية الفلسطينية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى