تحليلات واراء

فضيحة مهنية صارخة لمنصة جسور نيوز بالتحريض على المقاومة

وقعت منصة جسور نيوز الممولة إماراتيًا والناشطة ضمن ما يُعرف إعلاميًا بشبكة أفيخاي الإسرائيلية، في فضيحة مهنية صارخة تكشف طبيعة خطها التحريري القائم على التحريض المنهجي ضد المقاومة الفلسطينية، وتحديدًا حركة حماس، عبر استخدام الفبركة وتضليل الجمهور في سياق يخدم البروباغندا الإسرائيلية ومشاريعها الدعائية.

إذ نشرت جسور نيوز ما قالت إنه رواية شاهد عيان حول تفاصيل عملية اغتيال الشاب الفلسطيني علاء أحمد الزرابي في إحدى مناطق جنوب القطاع.

وعنونت المنصة مادتها بطريقة حاسمة توحي بأن الضحية قُتل على يد مسلحين تابعين لحركة حماس، مقدّمة الأمر كحقيقة مثبتة تستند إلى “شهادة” من شخص قالت إنه كان حاضرًا لحظة وقوع الجريمة.

تناقض فجّ بين العنوان والمحتوى

يكشف التحقيق في مضمون المادة بوضوح مستوى الفبركة؛ إذ نسبت المنصة إلى المواطن شعبان حنيدق بربخ – الذي قدم روايته للحادثة – اتهامًا صريحًا لعناصر من حماس بتنفيذ عملية الاغتيال.

لكن مراجعة شهادة الرجل تظهر أنه لم يذكر أي جهة تقف خلف الجريمة، بل اكتفى بالقول إنه شاهد المجموعة المسلحة التي أطلقت النار على الزرابي، وطالب الجهات المختصة بـ كشف الحقيقة وملاحقة القتلة دون توجيه اتهام لأي فصيل أو جهة سياسية.

ويمثل هذا التناقض تضليلًا متعمدًا عبر وضع عنوان يوحي بحقيقة غير موجودة في المتن، في ممارسة تُعد من أسوأ أشكال الانتهاك الأخلاقي للإعلام، خصوصًا في القضايا التي تمس أمن المجتمع الفلسطيني ودماء المدنيين.

وتندرج هذه الحادثة ضمن سياق أوسع من السلوك الدعائي الذي دأبت عليه جسور نيوز منذ انطلاقها، إذ تبني المنصة خطابًا يستهدف المقاومة الفلسطينية ويحاول شيطنتها بشكل متواصل، في تناغم واضح مع ماكينة الدعاية الإسرائيلية التي تسعى إلى استثمار أي حادثة داخل القطاع لتشويه صورة حماس وتقويض شرعيتها في البيئة الشعبية.

ويؤكد مراقبون للإعلام الرقمي أن المنصة تمارس دورًا هجوميًا ضمن شبكة إعلامية مرتبطة بجهات إقليمية معروفة بدعمها الخفي أو العلني للسياسات الإسرائيلية في المنطقة، لا سيما الإمارات، التي تتهمها فصائل فلسطينية بنشاط مكثف لترويج سرديات تتقاطع مع مصالح تل أبيب الأمنية والسياسية.

وتأتي هذه الفضيحة في وقت تصعّد فيه دولة الاحتلال الإسرائيلي حملاتها الإعلامية لإظهار المقاومة كطرف يهدد المجتمع الفلسطيني داخليًا، محاولة استثمار أي جريمة جنائية أو تصفية محلية لربطها بعناصر حماس. وبذلك تقدم جسور نيوز – بوعي أو بعلم – مواد تخدم هذا التوجه.

أداة دعائية بلا معايير مهنية

اللافت أن المنصة لم تكتف بوضع عنوان مضلل، بل قدّمت الرواية وفق قالب صحفي يوحي بأن المعلومات مؤكدة وموثقة، مع أن التفاصيل الواردة في شهادة حنيدق لا تحمل أي دليل مباشر على انتماء المنفذين لأي جهة سياسية.

بل إن الصياغة الأصلية للرجل تؤكد بوضوح أنه لا يعرف من هم القتلة، وأنه يأمل أن تقوم الجهات المختصة بدورها في التحقيق.

ويشير خبراء إعلاميون إلى أن هذا النوع من الصياغة يُستخدم عادة في الحملات الدعائية التي تُبنى على التثبيت النفسي للمعلومة عبر العنوان، بحيث يبقى الانطباع المضلل لدى القارئ حتى لو لم يجد في النص ما يدعم الفكرة المطروحة. وهي تقنية تعتمدها بعض المنصات السياسية لتعزيز تأثيرها على الرأي العام، خصوصًا في بيئة مشحونة بالصراع والحدّة والانقسام.

ويعزز غياب أي ضوابط تحريرية أو قواعد للتثبت من المعلومات في جسور نيوز، الانطباع بأن المنصة لا تعمل كوسيلة إعلامية مستقلة، بل كأداة ضمن مشروع دعائي أوسع يستهدف المقاومة سياسيًا وأمنيًا.

فالفريق التحريري لم يراجع مضمون الشهادة، ولم يطلب توضيحات إضافية، ولم يتحقق من وجود روايات أخرى أو تصريحات رسمية من الجهات المختصة في غزة.

كما تجاهلت المنصة الالتزام بأبسط قواعد العمل الصحفي مثل التحقق الثلاثي للمعلومات أو التأكد من هوية الشهود أو البحث عن النسخة الأصلية من الشهادة التي قدّمها المواطن، وهو ما يؤكد أن الهدف الأساسي كان ترسيخ سردية جاهزة لا علاقة لها بالوقائع.

ويحذّر إعلاميون فلسطينيون من خطورة ربط الجرائم الجنائية بالعمل الفصائلي دون أدلة، لأن ذلك يفتح الباب أمام حملات تخوين وتصفية حسابات سياسية، ويضر ببيئة الأمن الداخلي التي تحاول المقاومة الحفاظ عليها رغم الظروف القاسية المفروضة على قطاع غزة.

وتؤكد فضيحة جسور نيوز أن المنصة ليست مجرد جهة إعلامية منحازة، بل تعمل في إطار منظومة دعائية منظمة تهدف إلى ضرب المقاومة الفلسطينية وتشويه صورتها باستخدام الفبركة والتضليل.

كما تكشف عن غياب كامل للمعايير المهنية والأخلاقية التي يفترض أن تحكم العمل الصحفي، لا سيما في القضايا الحساسة التي تتعلق بحياة المدنيين وأمن المجتمع.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى