تحليلات واراء

عباس يفرض انتخابات على مقاس أوسلو ويعيد تعريف من هو الفلسطيني

في ظلّ انسداد الأفق السياسي وتآكل الشرعيات، تتصاعد الأصوات الفلسطينية المنتقدة لبنية السلطة الفلسطينية ودورها ووظيفتها، محذّرة من أن الأزمة لم تعد مرتبطة بسوء أداء حكومي أو أخطاء إدارية، بل بخلل عميق في النموذج السياسي نفسه، الذي وُلد من رحم اتفاق أوسلو وأُدير تحت سقف الاحتلال، ما أفقده القدرة على تمثيل الشعب الفلسطيني أو حماية مشروعه الوطني.

فشل السلطة الفلسطينية

وقالت الكاتبة غانية ملحيس إن فشل السلطة الفلسطينية لا يعود إلى أداء حكومات بعينها، بل ينبع من خلل بنيوي في النموذج السياسي القائم، مشيرة إلى أن السلطة كيان بلا سيادة، كُلّف بوظائف دولة كاملة في ظل تحكم الاحتلال بكل مفاصل الأرض والقرار.

وأضافت ملحيس أن هذا الواقع تشكّل في إطار مسار أوسلو، الذي سمح بتوسّع الاستيطان وتقويض الحقوق الفلسطينية، وجعل السلطة تتحرك داخل معادلة صُممت أساسًا لتعطيلها، الأمر الذي أفضى إلى أزمة مزدوجة في الشرعية والوظيفة.

وتابعت أن المطلوب اليوم ليس ترقيع النموذج القائم، بل إعادة تعريف السلطة كأداة تحرر وطني، تستمد شرعيتها من الشعب الفلسطيني وخياراته الكفاحية، لا من التزامات سياسية قيّدت الإرادة الوطنية.

من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي جمال زقوت إن غزة تمثّل قلب المشروع الوطني الفلسطيني، وإن غياب السلطة عنها خلال السنوات الماضية عمّق الفراغ السياسي وساهم في تآكل الشرعية، كما شجّع مخططات فصل القطاع عن الضفة الغربية.

وأضاف زقوت أن المخرج يكمن في تشكيل حكومة توافق وطني انتقالية مستقلة، لا تقوم على المحاصصة الفصائلية، تتولى توحيد الضفة الغربية وقطاع غزة تحت مظلة منظمة تحرير فلسطينية مُفعّلة ومعاد بناؤها على أسس تمثيلية.

وتابع أن هذا المسار يفترض تحويل حركة حماس إلى شريك سياسي مسؤول ضمن النظام السياسي الفلسطيني، بالتوازي مع تجديد الشرعيات عبر انتخابات شاملة، وإصلاح عميق للمؤسسات، بما يهيئ لوحدة وطنية حقيقية تحول غزة من كارثة إنسانية إلى رافعة للمشروع الفلسطيني.

انتخابات عباس

بدوره، قال الكاتب السياسي عبد الحميد صيام إن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يسعى اليوم لفرض انتخابات على أساس الاعتراف باتفاق أوسلو، واصفًا هذه الخطوة بأنها “غير مسبوقة في التاريخ السياسي الفلسطيني”.

وأوضح صيام أن رئيس سلطة انتهت ولايته منذ عام 2009 يحاول إعادة تعريف من هو الفلسطيني وفق معايير سياسية إقصائية، تستبعد الغالبية الساحقة من أبناء الشعب الفلسطيني داخل الوطن وخارجه.

وأضاف أن هذه الانتخابات، إن أُجريت وفق هذا الأساس، ستقصي نحو 90% من الفلسطينيين، ولن تُبقي إلا على مجموعات مرتبطة بمنظومة أوسلو، ما يفرغ العملية الانتخابية من مضمونها التمثيلي.

وأشار إلى أن السلطة تعيش حالة انهيار مزدوج، الأولى بفعل ثقل الاحتلال واستباحته المستمرة لكل المناطق دون رادع، والثانية نتيجة ممارسات ديكتاتورية يتركّز خلالها القرار بيد عباس دون مؤسسات فاعلة أو آليات مساءلة.

ونبّه صيام إلى أن شعبية عباس وصلت إلى أدنى مستوياتها، لافتًا إلى أن استطلاعات الرأي الأخيرة لم تمنح خليفته المفترض حسين الشيخ سوى 1% من ثقة الجمهور.

وتابع صيام أن هاجس الأجهزة الأمنية وأطراف السلطة والمقرّبين منها بات محصورًا في إدارة الواقع القائم وحماية المصالح، الأمر الذي يحوّل القضية الفلسطينية من مشروع تحرر وطني إلى ملف إداري منزوع السياسة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى