آيكون مول تحت المقاطعة الشعبية بعد استضافة قناة “كان”

تصاعدت خلال الساعات الماضية دعوات شعبية واسعة إلى مقاطعة آيكون مول في رام الله، عقب ظهور قناة «كان» العبرية وهي تتجوّل داخل المول بحرية تامة، في مشهد اعتبره ناشطون تجاوزًا وطنيًا خطيرًا، وتكريسًا واضحًا للتطبيع الإعلامي.
واعتبرت هذه الدعوات أن السماح لقناة رسمية تابعة لمؤسسة البث الإسرائيلية بالتصوير والتحرّك داخل أحد أكبر المراكز التجارية في الضفة الغربية لا يمكن التعامل معه كحادث عابر، بل يعكس تساهلًا مقلقًا مع حضور الإعلام العبري في قلب المدن الفلسطينية، وتحويل مرافق عامة إلى منصّات مفتوحة لرواية الاحتلال.
مقاطعة آيكون مول
وأكد ناشطون أن المقاطعة لا تستهدف نشاطًا تجاريًا بحد ذاته، بل تعبّر عن موقف وطني وأخلاقي يرفض تطبيع وجود قناة «كان» داخل رام الله، أو التعامل مع هذا الوجود كأمر طبيعي يمكن تمريره دون مساءلة.
وأشاروا إلى أن آيكون مول فقد صفة “الحياد التجاري” بمجرد السماح للقناة بالدخول والتصوير، ما يضع إدارة المول أمام مسؤولية مباشرة عن هذا المشهد، في ظل غياب أي توضيح حول الجهة التي منحت الإذن، أو طبيعة التنسيق الذي سبق هذا الظهور الإعلامي.
آيكون مول في رام الله
ويعيد هذا التطور إلى الواجهة الجدل الذي رافق افتتاح آيكون مول منذ بدايته، حين أُقيم حفل افتتاح ضخم في مرحلة بالغة الحساسية وسط حرب إبادة في غزة، وهو ما اعتُبر آنذاك انفصالًا واضحًا عن المزاج العام الفلسطيني، وتجاهلًا للسياق السياسي والوطني القائم.
ويرى دعاة المقاطعة أن ما جرى مؤخرًا يؤكد أن القضية لم تكن مرتبطة بلحظة زمنية واحدة، بل بنمط إدارة وخيارات تضع المصالح التجارية والاعتبارات الاستثمارية فوق أي حساب وطني أو شعبي.
الفساد والتطبيع
وفي المقابل، لم يصدر حتى الآن أي موقف رسمي يوضح ملابسات دخول قناة «كان» إلى آيكون مول، أو الجهة التي سمحت لها بالتحرّك بحرية داخله، وهو ما فُسّر على نطاق واسع كصمت غير مبرّر، يزيد من حالة الغضب الشعبي، ويعزّز القناعة بأن ما جرى يتم التعامل معه كأمر عادي.
ويحذّر نشطاء من أن استمرار هذا الصمت يبعث برسائل مقلقة، ويشجّع على تكرار مشاهد مشابهة في مرافق ومواقع أخرى داخل الضفة الغربية.
وأكدت الدعوات أن مقاطعة آيكون مول تمثّل رسالة مباشرة برفض التطبيع الإعلامي، ورفض تحويل المدن الفلسطينية إلى مساحات مستباحة لقنوات الاحتلال، مشدّدين على أن المقاطعة الشعبية تبقى أداة الضغط الأوضح في ظل غياب المحاسبة الرسمية.
من هو صاحب آيكون مول؟
وتتعمّق دعوات المقاطعة في ظل الجدل المستمر حول هوية صاحب آيكون مول، رجل الأعمال غاندي جابر، الذي ارتبط اسمه بملفات قانونية مثيرة للجدل على المستوى الدولي، وبشبكة علاقات سياسية نافذة داخل السلطة الفلسطينية، مكّنته من إدارة مشاريع كبرى دون مساءلة تُذكر.
فبحسب تقارير رسمية صادرة عن وكالة مكافحة المخدرات الأمريكية (DEA)، فإن اسم غاندي جابر مدرج على قوائم المطلوبين دوليًا على خلفية قضايا تتعلّق بتهريب كميات كبيرة من المخدرات، وهي معلومات موثّقة ومنشورة على الموقع الرسمي للوكالة.
ويرى ناشطون أن تجاهل هذه الخلفية، إلى جانب السماح لقناة «كان» العبرية بالتحرّك بحرية داخل المول، يعزّز القناعة بأن القضية لم تعد حادثة إعلامية عابرة، بل جزءًا من مشهد أوسع تتداخل فيه المصالح الاقتصادية مع الغطاء السياسي والأمني.
وبين الصمت الرسمي، وتكرار مشاهد التطبيع العملي، يؤكد دعاة المقاطعة أن آيكون مول بات رمزًا لاختلال عميق، وأن مقاطعته لم تعد خيارًا استهلاكيًا، بل موقفًا وطنيًا وأخلاقيًا، ورسالة رفض واضحة لكل ما يُمرَّر تحت عناوين “الاستثمار” و“الترفيه” على حساب الثوابت العامة.





