معالجات اخبارية

الاحتلال ينهك الدفاع المدني في غزة بشح الوقود والقصف المتواصل

في ظل العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، حذرت المديرية العامة للدفاع المدني من انهيار شبه كامل في قدرتها على الاستجابة لنداءات الاستغاثة، بفعل الاستهداف الإسرائيلي الممنهج لمقدراتها اللوجستية، ومنع دخول الوقود والمعدات الأساسية اللازمة لتشغيل مركبات الإنقاذ.

وأعلنت المديرية في بيان رسمي أن نحو 75% من مركبات الدفاع المدني أصبحت خارج الخدمة في جميع محافظات القطاع، بسبب نفاد الوقود وغياب قطع الغيار اللازمة للصيانة، في وقت تتصاعد فيه وتيرة القصف الإسرائيلي على الأحياء السكنية، ما يفاقم الكارثة الإنسانية ويجعل المدنيين في مواجهة الموت دون أدنى وسائل النجاة.

“عاجزون عن تلبية نداءات المواطنين”

جاء في بيان الدفاع المدني أن “وتيرة عمليات القصف الإسرائيلي واستهدافات المنازل السكنية تتصاعد بشكل يومي، وهو ما يجعلنا عاجزين عن تلبية نداءات المواطنين الذين يستغيثون من تحت الأنقاض، أو المحاصرين في منازلهم المحطمة، بسبب شح الإمكانات المادية، وأهمها الوقود ومعدات الإنقاذ الثقيلة وقطع الغيار ومستلزمات إصلاح المركبات”.

وأضاف البيان أن أزمة الوقود الراهنة ليست طارئة بل تتفاقم يوميًا، في ظل استمرار منع الاحتلال الإسرائيلي إيصال كميات وقود كافية، حتى بالحد الأدنى، لتشغيل المركبات الحيوية وإنقاذ الأرواح في المناطق المنكوبة.

وحذر الدفاع المدني من أن الساعات القادمة قد تشهد انهيارًا كليًا للقطاع، قائلاً: “نُحذر بأننا خلال الـ 72 ساعة القادمة سنكون أمام توقف كافة خدمات مركباتنا، وستكون طواقمنا عاجزة عن القيام بمهامها الإنسانية إذا لم تصلنا كميات وقود لتشغيلها ولو بالحد الأدنى”.

ويعتمد الدفاع المدني في غزة، بدرجة كبيرة، على آليات إنقاذ متهالكة ومنهكة من حروب سابقة، ما يجعل الصيانة المستمرة وتوفير الوقود والقطع شرطًا حيويًا لاستمرار عملها.

ومع اشتداد الحصار والحرب، لم تُسمح بإدخال أي دعم تقني أو لوجستي يُعيد لتلك الطواقم الحد الأدنى من الكفاءة التشغيلية.

استهداف ممنهج لطواقم الإنقاذ

يؤكد مسؤولو الدفاع المدني في غزة أن أزمة الوقود لا تأتي بمعزل عن استهداف منهجي تتعرض له الطواقم الميدانية، حيث استشهد وأُصيب عشرات من عناصر الدفاع المدني منذ بداية العدوان، بينهم من قضوا أثناء محاولتهم انتشال جثث من تحت الأنقاض.

كما تم استهداف مركبات إسعاف وإنقاذ بشكل مباشر في أكثر من حادثة موثقة، ما يعزز القناعة بأن الاحتلال يتعمد شلّ القدرات الإنسانية المتبقية في القطاع.

وتشير منظمات حقوقية محلية ودولية إلى أن منع دخول الوقود بشكل متعمد إلى قطاع غزة، خاصة للمؤسسات الطبية والإنسانية، يُعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، الذي يوجب على سلطات الاحتلال ضمان وصول المساعدات الحيوية للسكان المدنيين في مناطق النزاع.

واقع كارثي في الميدان

في المشهد الميداني، تتكدس عشرات المباني المدمرة جزئيًا أو كليًا في شمال ووسط وجنوب القطاع، فيما يُسمع صوت الاستغاثات من تحت الركام لساعات طويلة دون استجابة، فقط لأن مركبة الإنقاذ الأقرب لا تملك الوقود اللازم للوصول.

كما تؤكد شهادات شهود عيان وناشطين ميدانيين أن سكانًا يشاركون بأيديهم في عمليات انتشال الضحايا، باستخدام أدوات بدائية، في ظل غياب الطواقم المتخصصة، أو تأخرها لساعات بفعل نقص الإمكانيات.

وفي ظل الانهيار المتوقع للخدمات الإنسانية، يتصاعد النداء في غزة للمجتمع الدولي، وللمنظمات الإغاثية، بضرورة الضغط على دولة الاحتلال للسماح بإدخال شحنات عاجلة من الوقود والمعدات إلى قطاع الدفاع المدني.

وتطالب منظمات إنسانية عاملة في القطاع بضرورة اعتبار مركبات الإنقاذ والإطفاء والإسعاف “مناطق محمية” بموجب القانون الدولي، وعدم استهدافها أو منع عملها أو التسبب في تعطيلها بأي شكل.

ومع استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة، تبدو أزمة الدفاع المدني عنوانًا جديدًا للكارثة المتعددة الوجوه، حيث يتحول عجز فرق الإنقاذ إلى عامل موت إضافي يهدد آلاف المدنيين في لحظة الانهيار.

وبينما تستمر دولة الاحتلال في حصارها ومنع الوقود، يصير إنقاذ الأرواح في غزة رهينة قرار سياسي إسرائيلي، لا عسكري فقط.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى