إعلان أممي خطير: مجاعة متعمدة تضرب مدينة غزة وتتهدد مئات الآلاف

أعلن خبراء مدعومون من الأمم المتحدة أن مدينة غزة والمناطق المحيطة بها تعيش رسميًا حالة مجاعة شاملة، في خطوة غير مسبوقة منذ بدء حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية قبل 22 شهرًا.
وأكد الخبراء أن ما يجري هو “مجاعة من صنع الإنسان بالكامل” كان بالإمكان تفاديها، وأن الاستجابة الفورية وحدها يمكن أن تحد من ارتفاع أعداد الوفيات التي تتزايد يومًا بعد يوم.
وبحسب التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي (IPC)، وهو المرجع العالمي لتحديد حالات المجاعة، فقد تم استيفاء ثلاثة معايير صارمة:
20% من الأسر على الأقل تعاني من نقص حاد في الغذاء.
30% من الأطفال يعانون من سوء تغذية حاد.
شخصان من كل 10 آلاف يموتون يوميًا بسبب الجوع التام.
وبذلك تصبح غزة رابع منطقة في العالم يُعلن فيها عن المجاعة رسميًا منذ تأسيس نظام IPC عام 2004، بعد حالات مماثلة في السودان واليمن والصومال.
أرقام صادمة لوفيات الجوع في غزة
وفقًا لوزارة الصحة في غزة، والمدققة من منظمة الصحة العالمية:
خلال 22 شهرًا من الحرب، سُجّلت 89 حالة وفاة مرتبطة مباشرة بسوء التغذية والجوع.
في أول 20 يومًا من أغسطس/آب فقط، ارتفع العدد إلى 133 حالة وفاة، من بينهم 25 طفلًا دون سن 18 عامًا.
هذه الأرقام تكشف عن تسارع خطير في منحنى الوفيات، فيما يحذّر الخبراء من أن الأيام المقبلة قد تكون الأكثر فتكًا إذا استمر غياب المساعدات.
نصف مليون إنسان على حافة الموت
يشير التقرير الأممي إلى أن إعلان المجاعة يخص مدينة غزة والمناطق المحيطة بها، التي تضم ما بين 500 ألف و800 ألف شخص، معظمهم نازحون بلا مأوى.
كما حذّر التقرير من أن دير البلح وخان يونس مرشحتان للانزلاق إلى المجاعة “خلال أسابيع قليلة”.
أما شمال غزة، فرغم عدم صدور إعلان رسمي، فإن مسؤولي الإغاثة يصفون الأوضاع هناك بأنها الأكثر خطورة على الإطلاق، لكن غياب البيانات الموثوقة حال دون صدور قرار رسمي.
وأبرز الخبراء فشل البديل الإسرائيلي المسمى “مؤسسة غزة الإنسانية” – التي أُنشئت لتحل محل وكالات الإغاثة التقليدية – في توزيع كميات كافية من الغذاء. كما تواجه الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية:
عقبات لوجستية ضخمة بسبب استمرار الهجمات العسكرية الإسرائيلية.
القيود الإدارية والبيروقراطية الإسرائيلية على دخول المساعدات.
الانهيار شبه الكامل لسيادة القانون وانتشار عمليات النهب بتشجيع وغطاء من جيش الاحتلال.
تدمير البنية التحتية، بما في ذلك الطرق وشبكات الكهرباء والمياه.
وأعرب الصليب الأحمر الدولي بدوره عن “قلق بالغ” من استمرار قتل المدنيين أثناء محاولتهم الوصول إلى الغذاء، ومن فشل آليات التوزيع الحالية في الوصول إلى الفئات الأشد احتياجًا.
تحذير أممي من “كارثة غير مسبوقة”
قال تقرير IPC بوضوح: “لقد ولّى زمن الجدل والتردد. المجاعة حاضرة وتنتشر بسرعة. أي تأخير – حتى لأيام قليلة – سيؤدي إلى وفيات لا مبرر لها على الإطلاق.”
وأضاف أن وقف إطلاق النار وإعادة الإمدادات الغذائية والخدمات الأساسية – من صحة وتغذية ومياه وصرف صحي – شرط عاجل لإنقاذ الأرواح.
فيما عقب أمجد الشوا، مدير شبكة المنظمات الأهلية في غزة “هذه أسوأ وأخطر مرحلة في تاريخ غزة. نحن نشعر بالمرض والتعب الشديدين. إذا لم يصل الطعام، لا يمكننا تخيل ما سيحدث.”
وإعلان المجاعة رسميًا في مدينة غزة يُعد جرس إنذار دولي مدوٍّ، ليس فقط حول حجم الكارثة الإنسانية غير المسبوقة، بل حول طبيعتها “المصنوعة” بفعل السياسات العسكرية والحصار المستمر منذ نحو عامين. ومع تحذيرات الخبراء من أن دير البلح وخان يونس على الطريق ذاته، يصبح التدخل الفوري والواسع مطلبًا إنسانيًا لا يحتمل التأجيل.