
بينما يستمر الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه الهمجي على غزة منذ أكثر من 18 شهرًا، تظهر أصوات فلسطينية خارج القطاع تتماهى بشكل صادم مع الرواية الإسرائيلية، وتعمل على تشويه المقاومة وقلب الحقائق.
وفي مقدّمة هذه الجوقة يبرز اسمان، أمين عابد من داخل أبوظبي، وأمجد أبو كوش من بلجيكا، اللذان يمثّلان رأس حربة في منظومة تحريض إعلامي مدعومة خارجيًا، تُعيد إنتاج بروباغندا الاحتلال بلهجة فلسطينية.
التحريض ضد المقاومة
ومع كل حديث عن هدنة أو وقف إطلاق نار، يتسابق هؤلاء لتصوير حماس على أنها “العائق الوحيد أمام السلام”، ويشيعون أن الحركة “ترفض التنازلات من أجل بقائها في الحكم”، متجاهلين حقيقة أن الاحتلال هو من يواصل القتل والتجويع والتدمير المنهجي بحق المدنيين.
وهذا الخطاب ليس بريئًا، بل يُستخدم كورقة ضغط داخلية لضرب التفاف الشعب حول المقاومة، خصوصًا في اللحظات التي تعاني فيها غزة من أقسى أنواع الحصار والتجويع.
واللافت أن هذه الادعاءات تُسوّق بتزامن مريب مع رواية الاحتلال، الذي يريد نزع الشرعية عن كل من يقاوم.
“أمين عابد” خلية تحريض إعلامية
وينشط أمين عابد من داخل “المدينة الإنسانية” في أبوظبي، حيث يعمل ضمن خلية إعلامية تغلّف خطابها بغلاف “المساعدات”، لكنها تبث روايات مفبركة تُحمّل المقاومة مسؤولية الحرب، وتروّج لاستخدام المستشفيات كدروع بشرية، وهي الادعاءات ذاتها التي تبناها الجيش الإسرائيلي لتبرير جرائمه.
عابد، الذي انتقل إلى الإمارات عبر تنسيق كامل مع سلطات الاحتلال مرورًا بمعبر كرم أبو سالم ومطار رامون، لم يكن ضحية كما حاول الظهور، بل لاعبًا أساسيًا في معركة كيّ الوعي الفلسطيني، باستخدام تقنيات رقمية متقدمة ومنصات مشبوهة مثل “blinx” المدعومة من دبي.
“أمجد أبو كوش” واجهة التطبيع الإعلامي الأوروبي
أما أمجد أبو كوش، فقد تحوّل من ناشط في برامج “الحوار” و”السلام” إلى رأس حربة في تشويه المقاومة.
وأُنشئت له منصة إعلامية تتلقى تمويلًا أوروبيًا وإسرائيليًا، وشارك في لقاءات مغلقة تابعة لوزارة الخارجية الإسرائيلية، تحت ستار العمل الصحفي.
ومنذ بداية العدوان، تبنّى خطاب الاحتلال بكل صراحة، فاتهم المقاومة بالتجارة بدماء الأطفال، واعتبر قصف الأبراج السكنية مبررًا بسبب “تموضع المقاومة في المناطق المدنية”، بل وصل به الأمر إلى وصف الفلسطينيين في غزة بأنهم “مغسولو الدماغ”، في لغة لا تصدر حتى عن بعض المسؤولين الإسرائيليين أنفسهم.
منصات خادعة وذباب إلكتروني
وتُستخدم منصات مثل “blinx”، التي تروّج لنفسها كمشاريع إعلامية شبابية، كسلاح ناعم لتسويق رواية الاحتلال، فيما تنشط آلاف الحسابات الوهمية التي تُدار من خارج فلسطين بأسماء فلسطينية مزيفة، تبث رسائل مكررة: المقاومة سبب الدمار، أبوظبي تنقذ غزة، حماس تعرقل الهدنة من أجل السلطة.
وهذا الذباب الإلكتروني لا يختلف في مهمته عن الطائرات التي تلقي القنابل. إنه سلاح تدمير معنوي يهدف لكسر الروح الوطنية وزعزعة الثقة بالمقاومة.
شبكة “أفيخاي” بوجوه فلسطينية
وما يفعله أمين عابد وأمجد أبو كوش يشكل امتدادًا مباشراً لحملة شبكة “أفيخاي” الإسرائيلية، لكن بصيغة فلسطينية محلية.
ورسائلهما تُقدَّم على أنها نقد داخلي، لكنها في الواقع أدوات تحريض إعلامي منهجي يستهدف تقويض المقاومة وتشويه قضيتها.
وهذه الحملات الإعلامية تُعد جزءًا من استراتيجية ممنهجة لإعادة إنتاج رواية الاحتلال، وتشكيل المشهد الإعلامي بما يخدم أهداف تفكيك المقاومة وشرعنة العدوان.