
في ظل التصعيد غير المسبوق لهجمات المستوطنين وقوات الاحتلال على القرى والبلدات الفلسطينية في الضفة الغربية، تتصاعد الأصوات الرافضة للصمت الرسمي، والمطالبة باتخاذ خطوات ميدانية لحماية المواطنين، أبرزها تفعيل لجان الحراسة الشعبية، بل وطرح تساؤلات جديّة حول جدوى بقاء أجهزة أمن السلطة.
دعوات لحل الأجهزة الأمنية
وأعرب عضو الهيئة الأكاديمية في كلية الهندسة بجامعة بيرزيت، سامح أبو عواد، عن رفضه لصمت السلطة حيال الاعتداءات اليومية على القرى، وخصّ بالذكر بلدة ترمسعيا، الواقعة شمال شرق رام الله، التي تتعرض لهجمات إسرائيلية متكررة.
وأشار أبو عواد إلى ضرورة حل الأجهزة الأمنية الحالية وتوجيه مواردها المالية نحو قطاعات تدعم صمود المواطنين، قائلاً: “لسنا بحاجة إلى عسكري لا يدافع عن أبناء شعبه”، وداعيًا إلى إنشاء لجان حماية شعبية مسلحة، تستفيد من أسلحة الأجهزة القائمة لحماية السكان.
وأكد على أهمية تفعيل المسارات الدبلوماسية والحقوقية الدولية، مع مراجعة شاملة لاتفاقية أوسلو وإطلاق مشروع وطني جامع يضمن مقاومة الاحتلال.
انتقادات حادة للسلطة في الضفة
وبدوره، شدد القيادي في حزب الشعب وعضو لجنة التنسيق الفصائلي في نابلس، أبو جيش، على ضرورة امتلاك خطة عملية للتعامل مع العنف الاستيطاني المتصاعد.
وطالب بإعادة العمل بـ لجان الحماية الليلية لحماية البلدات والقرى من الاعتداءات، واصفًا إياها بـ “العصابات الهمجية” التي تتحرك بإشراف سياسي من الحكومة الإسرائيلية اليمينية.
وأشار إلى أن مرحلة الصمت الشعبي لم تعد مجدية، داعيًا إلى وحدة الصف الوطني ومواجهة العدوان، بالتوازي مع التحرك الدولي لتوفير حماية للفلسطينيين.
تهجير منظم لصالح المستوطنات
ويرى الكاتب والمحلل السياسي عزام أبو العدس أن الاعتداءات التي تستهدف التجمعات السكنية الريفية هي جزء من خطة إسرائيلية ممنهجة تهدف إلى إفراغ الريف.
وأوضح أن السياسات الإسرائيلية الحالية تسعى لدفع الفلسطينيين للهجرة إلى المدن أو الخارج، مما يُسهّل السيطرة على الأرض ضمن خطط الضم، مؤكدًا ضرورة تعزيز التجذر الفلسطيني في الأرض.
ودعا إلى تشكيل كيانات شعبية شبابية ومؤسسات مجتمعية تتولى مهمة ردع الهجمات من خلال الحراسة الليلية وتنظيم الدفاع الذاتي.
ومن جهته، اعتبر الناشط الميداني في قضايا الاستيطان بشار القريوتي أن ما يجري في القرى الفلسطينية يشكل حملة تدمير ممنهجة، تستهدف كل مكونات الحياة.
وأشار إلى أن الاعتداءات لا تقتصر على البشر، بل تطال الأشجار والممتلكات والبنية التحتية، ما يعكس – بحسب تعبيره – موافقة رسمية إسرائيلية لتحويل القرى إلى مناطق غير صالحة للسكن.
ودعا القريوتي مؤسسات السلطة إلى لعب دور فعلي في دعم صمود القرى، بدءًا من تبني الحماية الشعبية وصولاً إلى تأمين الاحتياجات الأساسية للمواطنين.
مشهد تصعيد مزدوج
وتأتي هذه التطورات في وقت تعاني فيه الضفة الغربية من تصعيد عسكري واسع النطاق منذ بداية الحرب على غزة في أكتوبر 2023.
وتشير تقارير حقوقية إلى سقوط ما يزيد عن 1000 شهيد، وإصابة قرابة 7000 مواطن، واعتقال أكثر من 17 ألف فلسطيني.
وتشهد الضفة عمليات تهجير، واعتقالات، وهدم واسع، وسط تواطؤ دولي وصمت رسمي عربي، ما يفاقم المعاناة.
وفي المقابل، يتواصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، مدعومًا من الإدارة الأميركية، في إطار سياسة إبادة جماعية أدت إلى استشهاد وإصابة أكثر من 189 ألف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، إلى جانب عشرات آلاف النازحين والمفقودين.