عصابة ياسر أبو شباب.. ابتهاج بقرب نهايتها الموعودة

مع إعلان اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وبدء مرحلة ما بعد حرب الإبادة الإسرائيلية، تتجه الأنظار من ميادين المواجهة مع الاحتلال إلى ميادين المحاسبة الداخلية، حيث تتصاعد الأصوات الشعبية المطالبة بتطهير القطاع من بقايا العصابات العميلة والمرتزقة الذين ارتكبوا جرائم خلال فترة العدوان الإسرائيلي الوحشي.
وفي صدارة تلك الدعوات تبرز المطالب المتزايدة بإنهاء نفوذ “عصابة ياسر أبو شباب”، التي تحولت خلال الأشهر الأخيرة إلى رمزٍ للفساد والعمالة والارتزاق تحت غطاء الحرب والفوضى.
فبعد أكثر من عامين من المجازر التي أوقعت عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى، يرى الغزيون أن المعركة المقبلة ليست مع الدبابات الإسرائيلية، بل مع الطابور الخامس الذي استغل المأساة لتمزيق النسيج الداخلي، وتسهيل جرائم الاحتلال مقابل المال والنفوذ.
عصابة ياسر أبو شباب ويكيبيديا
لم يكن اسم ياسر أبو شباب معروفًا خارج الدوائر الأمنية الضيقة قبل الحرب، لكن مع تصاعد العدوان، بدأت تتكشف شبكة معقدة من المتورطين في التعاون مع قوات الاحتلال عبر تسريب المعلومات، وابتزاز المدنيين، والتورط في جرائم ضد المقاومين والمواطنين.
وبحسب مصادر محلية وشهود عيان، فإن المجموعة التي يقودها أبو شباب – والمكونة من عناصر سابقة في أجهزة السلطة وبعض السماسرة – تورطت في ملاحقة المقاومين ورفع الإحداثيات للجيش الإسرائيلي الذي استخدمها لتحديد أهدافه الميدانية.
وخلال الأشهر الأخيرة، وثّقت جهات حقوقية وشعبية شهادات تشير إلى أن العصابة استغلت حالة الفوضى والانقسام لتوسيع أنشطتها، من تجارة السلاح إلى تهريب المساعدات واحتكار الوقود، وصولاً إلى تسريب مواقع نازحين ومراكز إيواء قصفت لاحقًا.
ولذلك، لم يكن مستغربًا أن يتحول اسمها إلى رمز للخيانة والعار الشعبي في شوارع غزة، وأن تنتشر على منصات التواصل دعوات صريحة لـ”محاكمة علنية وعادلة” لكل من تورط في أفعالها.
العدالة المؤجلة: من الميدان إلى القانون
اليوم، وبعد وقف إطلاق النار الذي أنهى أطول وأقسى حرب في تاريخ غزة، يرى المراقبون أن المرحلة الانتقالية الجديدة تفرض إعادة هيكلة أمنية وأخلاقية شاملة داخل المجتمع الفلسطيني.
ويؤكد ناشطون أن أولى خطوات هذا الإصلاح هي تصفية البؤر الإجرامية التي مثلتها عصابات الحرب، وفي مقدمتها مجموعة ياسر أبو شباب.
فمنذ بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار، تعالت أصوات تطالب بإنشاء هيئة تحقيق مستقلة لمحاسبة كل من ثبت تورطه في الجرائم، سواء في تسريب المعلومات أو في نهب المساعدات أو التعاون مع الاحتلال.
وتشير بعض التسريبات إلى أن قوائم بأسماء المتورطين أُعدّت بالفعل، وأن تنسيقًا يجري بين الفصائل والأجهزة الميدانية لتسليم المطلوبين للقضاء والقصاص منهم.
وفي الشارع، بدا واضحًا أن المزاج الشعبي يتجه نحو عدم التسامح مطلقًا مع المتعاونين، فيما انتشرت مقاطع فيديوهات تُظهر تأييد الأهالي لبدء عمليات الملاحقة ضد بعض أفراد العصابات.
ويرى محللون أن خطورة ما ارتكبته عصابة ياسر أبو شباب لا تقتصر على كونها جرائم أمنية فحسب، بل تمثل خيانة مضاعفة لأنها جرت بينما كان الشعب يواجه إبادة جماعية غير مسبوقة.
ففي الوقت الذي كانت الطائرات الإسرائيلية تقتل المدنيين وتدمر المستشفيات والملاجئ، كان هؤلاء المرتزقة يتاجرون بدماء الضحايا ويبيعون المعلومات والأمان مقابل المال.
وتشير التحقيقات الأولية، بحسب مصادر ميدانية، إلى أن بعض أفراد العصابة تلقوا تمويلًا خارجيًا تحت عناوين إنسانية أو أمنية، واستخدموا الغطاء لتشكيل شبكة نفوذ موازية داخل القطاع.
هذا النمط من السلوك – بحسب مراقبين – يُعيد إلى الأذهان تجارب مريرة مع شبكات “العملاء” خلال الانتفاضات السابقة، لكنه هذه المرة أكثر خطورة بسبب اتصاله بملفات مالية دولية واستخدام تقنيات اتصالات متقدمة.
غزة تُطهّر جراحها
تعيش غزة اليوم لحظة فاصلة بين الانتصار السياسي والمأساة الإنسانية.
فبينما تترسخ هدنة الحرب وتنطلق مشاريع الإعمار، تتجه البوصلة إلى تطهير الداخل من الفساد والعمالة، وإغلاق صفحة سوداء في تاريخ القطاع.
ويؤكد مراقبون أن نهاية عصابة ياسر أبو شباب ليست مجرد حدث أمني، بل عنوان لمرحلة جديدة من الوعي والكرامة الوطنية، حيث يتحول الغضب الشعبي إلى طاقة لبناء مجتمع أكثر تماسكًا وعدلاً.
فالذين خانوا الوطن في لحظة الخطر لن يجدوا بعد اليوم ملاذًا، لأن غزة التي واجهت القصف والحصار لن تقبل أن تُخدع مجددًا من الداخل.
وبين أصداء الفرح بوقف الحرب وألم الفقد، يعلو صوت واحد في شوارع القطاع: “العدالة قادمة… والخونة إلى زوال.”





