
كشفت صحيفة هآرتس العبرية، نقلاً عن مصادر عسكرية، أن 35 جنديًا إسرائيليًا أقدموا على الانتحار منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة في 7 أكتوبر 2023 وحتى نهاية العام 2024.
وأشارت الصحيفة إلى أن عام 2025 شهد أيضًا سبع حالات انتحار جديدة في صفوف الجنود، ما يؤشر على تفاقم الأزمة النفسية داخل المؤسسة العسكرية.
وأكدت المصادر أن معظم هؤلاء الجنود دُفنوا دون إعلان رسمي أو مراسم عسكرية، في محاولة للتعتيم على الأزمة المتفاقمة، والحفاظ على ما تبقى من صورة متماسكة للجيش في عيون الجمهور الإسرائيلي.
الانتحار مهرب الجنود
وبحسب الصحيفة، فإن أكثر من تسعة آلاف جندي تلقوا علاجًا نفسيًا منذ بداية الحرب، لكن الجيش الإسرائيلي يواصل استدعاء جنود الاحتياط، رغم إصابتهم باضطرابات نفسية، بسبب النقص الكبير في الأفراد.
وأوضح أحد الضباط أن القيادة تتجاهل عمدًا فحص الحالة النفسية للمجندين “خوفًا من فقدان المزيد من الجنود”، على حد تعبيره.
ويكشف هذا التعامل عن أزمة أخلاقية داخل المؤسسة العسكرية، التي تواصل إرسال جنودها إلى الميدان رغم معرفتها بأن كثيرين منهم لم يعودوا قادرين على تحمل الضغوط النفسية الناجمة عن الحرب.
غضب داخلي وانتقادات لحكومة نتنياهو
ويشهد الشارع الإسرائيلي حالة غليان متصاعدة، وسط اتهامات لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بتجاهل قضية الجنود الأسرى، والتضحية بمصالح الجيش من أجل بقائه السياسي.
وهاجم رئيس الحكومة الأسبق إيهود باراك، نتنياهو بشدة، واصفًا إياه بـ”قائد التيتانيك” و”الجراح الذي يموت مرضاه”، في إشارة إلى فشل قيادته للأزمة.
ودعا باراك المعارضة لعدم تقديم طوق نجاة لنتنياهو، مشددًا على أنه لا يمكن إنقاذ حكومة تواصل ارتكاب الكوارث بحق جنودها وشعبها.
مطالبات بإسقاط الحكومة
في ساحة بيغن وسط فلسطين المحتلة، نظّمت عائلات الجنود الأسرى وقفة احتجاجية جديدة للمطالبة بوقف الحرب والتوصل إلى صفقة تبادل أسرى.
وقالت عيناف تسانغاوكر، والدة الأسير متان: “رئيس الوزراء يفعل كل شيء كي لا يعود ابني حيًا، لكنه لا يعرف أن أمه تقاتل من أجله”.
وأضافت أن كل من يعارض صفقة التبادل هو “عدو للأسرى”، محذرة من أن أي محاولة لإفشال صفقة قريبة “ستقابل بحرب داخلية ضد الحكومة”.
من جانبها، كتبت فيكي كوهين، والدة الجندي الأسير نمرود كوهين، على مواقع التواصل: “هذا ليس وقت الكلام الكبير، بل وقت العمل. لن نغفر لمن يُضيع الفرص”.
وتكشف هذه التطورات عن عمق التصدع النفسي والأخلاقي داخل الجيش الإسرائيلي، والذي يبدو عاجزًا عن احتواء الانهيار الداخلي أو الاستجابة لمطالب الشارع.
وفي ظل استمرار الحرب وتزايد الضغط الدولي، يبدو أن حكومة نتنياهو تدفع إسرائيل نحو مأزق مفتوح على كل الاحتمالات، داخليًا وخارجيًا.
استئناف العدوان على غزة
وتأتي هذه التطورات في وقت استأنفت فيه إسرائيل عدوانها الشامل على قطاع غزة في 18 مارس 2025، بعد شهرين من اتفاق هش لوقف إطلاق النار بدأ في 19 يناير، لكنه تعرّض لانتهاكات إسرائيلية متكررة.
ومنذ بداية الحرب، ارتكبت إسرائيل مجازر مروعة بحق المدنيين الفلسطينيين، راح ضحيتها أكثر من 173 ألف شهيد وجريح، معظمهم من النساء والأطفال، إلى جانب أكثر من 14 ألف مفقود ما زالوا تحت الأنقاض.