
في تحليل لافت صادر عن معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، دعا خبراء إسرائيليون إلى تعميق التواصل المباشر مع حسين الشيخ، القيادي الفلسطيني المقرب من محمود عباس، واصفين إياه بـ”الملتزم الصلب بالتنسيق الأمني مع إسرائيل”.
ويأتي هذا التقدير في ضوء تعيين الشيخ نائبًا لرئيس منظمة التحرير الفلسطينية – المنصب الذي استُحدث للمرة الأولى – في خطوة تُظهر، حسب المعهد، حجم الضغوط الدولية والعربية، خصوصًا السعودية، على قيادة السلطة لإجراء “إصلاحات” داخلية.
ورغم الجدل الداخلي الفلسطيني، يرى المعهد أن الشيخ يمثل “فرصة لتفاهمات أوسع”، خاصة في ظل غياب بديل توافقي لعباس واقترابه من سن التسعين، ما يُثير مخاوف من فراغ سياسي يلوح في الأفق.
حسين الشيخ والاستجابة لضغوط عربية ودولية
وأشار معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي في تقدير موقف جديد إلى أن تعيين حسين الشيخ نائبًا لرئيس منظمة التحرير خلال اجتماع المجلس المركزي في رام الله بتاريخ 26 أبريل 2024، جاء استجابة مباشرة لضغوط تمارسها السعودية والولايات المتحدة على رئيس السلطة محمود عباس.
ويرى المعهد أن عباس، الذي يقترب من عقده العاشر، يسعى من خلال هذا التعيين إلى تجنب فراغ سياسي بعد غيابه المحتمل، دون أن يحسم رسميًا مسألة الخلافة، إذ لا يزال التعيين يثير جدلاً داخل حركة فتح.
انقسام داخل فتح ورفض لتأهيل الشيخ للقيادة
ورغم الترقية السياسية، يشير المعهد إلى أن العديد من قيادات فتح لا يعتبرون الشيخ مؤهلاً لقيادة السلطة الفلسطينية، ما يهدد بتحول التعيين إلى عامل انقسام لا إلى وسيلة لتفادي الفوضى.
ويضاف إلى ذلك اتهامات تلاحق الشيخ بالفساد والتحرش، ما يُضعف من صورته العامة ويقلل من فرص تقبله شعبياً.
“إصلاحات” شكلية “توزيع للسلطات”
ويُحلل المعهد الإسرائيلي أن تعيين الشيخ يأتي ضمن إعادة هيكلة رمزية للسلطة الفلسطينية، إذ سبق لعباس أن عيّن محمود العالول نائبًا له في حركة فتح، بينما جرى لاحقًا تعيين عزام الأحمد خلفًا للشيخ كأمين سر اللجنة التنفيذية.
ويُعد هذا التوزيع غير المسبوق للسلطات بين ثلاث شخصيات، خطوة لفك احتكار الرئيس للمناصب الثلاثة الرئيسية رئاسة فتح، السلطة، والمنظمة.
تهميش المعارضين واشتراطات عباس
ولم تتأخر ردود الفعل الرافضة للتعيين، إذ استنكرت حركة حماس الخطوة واعتبرتها محاولة لتصفية حسابات داخلية في ظل الحرب على غزة.
كما انسحبت فصائل يسارية فلسطينية من جلسات المجلس احتجاجًا على تغييب النقاش الوطني الحقيقي، ورفضًا لآلية اتخاذ القرار.
ويحذر المعهد من أن دعوة عباس لعودة المُبعدين من فتح تصطدم بشروط مُهينة – على حد وصف معارضيه – تتضمن تقديم اعتذارات وتعهدات بعدم الإضرار بالحركة. وهو ما يرفضه التيار الإصلاحي بقيادة محمد دحلان، مطالبًا بعودة جماعية بضمانات وليس عودة فردية مشروطة.
دعم حسين الشيخ إسرائيلياً
ويُبرز المعهد أن الشيخ معروف بولائه للتنسيق الأمني مع إسرائيل، إذ شغل سابقًا منصب رئيس الهيئة العامة للشؤون المدنية، ما جعله صاحب تواصل يومي ومباشر مع المسؤولين الإسرائيليين.
وبفضل قربه من عباس، نجح في بناء شبكة علاقات دولية وإقليمية قوية، تُعد حاليًا من نقاط قوته المركزية.
ورغم المعارضة الداخلية، يرى المعهد أن الشيخ يحظى بقبول لدى دول رئيسية مثل السعودية والولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا، وهو ما يجعله مرشحًا يحظى بدعم خارجي مؤقت، خاصة في ظل حاجة المجتمع الدولي لعنوان فلسطيني بديل في حال غياب عباس.
ويختم معهد دراسات الأمن القومي تحليله بالتأكيد على أن المعضلة الحقيقية للقيادة الفلسطينية تكمن في غياب الانتقال السلس إلى جيل جديد نشأ بعد أوسلو، ولم يعد يرى في منظمة التحرير الممثل الحصري أو في القيادة الحالية مرجعية ملهمة.
ويشير إلى أن استمرار الجمود السياسي وغياب الأفق سيُعزز من فرص صعود قوى بديلة ترفض اتفاقات أوسلو والتنسيق الأمني، في حال استمرار الانقسام وغياب الإصلاح الحقيقي.