معالجات اخبارية

شبكة أفيخاي والأبواق الإماراتية تتقاطع مع أجندة الاحتلال في ضرب الجبهة الداخلية

لم يكن مستغربًا أن تتحرك الأبواق الناطقة بالعربية – سواء المموّلة من الخارج أو المرتبطة مباشرة بشبكات إسرائيلية – لتوجيه سهامها نحو الداخل الفلسطيني عبر التقاطع مع أجندة الاحتلال في ضرب الجبهة الداخلية.

اللافت في هذا السياق هو تصاعد حملة تحريض ممنهجة تقودها منصة “جسور نيوز” الإماراتية ضد وحدة “سهم” الأمنية، وهي إحدى التشكيلات التي تقوم بدور محوري في حماية الجبهة الداخلية الفلسطينية في قطاع غزة.

فمن خلال مادة نشرها أمجد أبو كوش، العضو في “شبكة أفيخاي”، زعمت المنصة أن “حماية الجبهة الداخلية” باتت “أداة للقتل”، واتهمت وحدة “سهم” باغتيال العشرات من أبناء غزة دون محاكمات، وذلك في حملة رخيصة ومكشوفة تتساوق كليًا مع دعاية الاحتلال الإسرائيلي الذي يسعى بشتى الوسائل إلى تفكيك البنية المجتمعية والميدانية للمقاومة الفلسطينية.

حماية الجبهة الداخلية… في مرمى التحريض

منذ بداية حرب الإبادة الإسرائيلية، واجه قطاع غزة استحقاقات أمنية داخلية لا تقل خطورة عن التحديات الخارجية.

ومع تنامي محاولات الاحتلال تفجير الجبهة الداخلية عبر خلايا العملاء، وافتعال حالات تمرد وفوضى، بادرت الأجهزة الأمنية في غزة، ومن ضمنها وحدة سهم، إلى تنفيذ حملة صارمة لضبط الأمن ومحاسبة المتورطين في أعمال الفوضى والسطو والاعتداء على الممتلكات، إضافة إلى ملاحقة العناصر المتعاونة مع الاحتلال.

هذه الحملة، رغم أنها لقيت دعمًا شعبيًا واسعًا نظرًا لأهميتها في حفظ استقرار المجتمع في زمن الحرب، أثارت سخطًا لدى بعض الأطراف المرتبطة مباشرة بمخططات الاحتلال أو المتماهية معها سياسيًا، وعلى رأسها الذباب الإلكتروني التابع للسلطة الفلسطينية، وأبواق التطبيع العربي، التي رأت في استقرار غزة خطرًا على أجندتها.

جسور نيوز.. منصة في خدمة المشروع الإسرائيلي

في خضم هذه الهجمة، لعبت منصة “جسور نيوز” الإماراتية دورًا بارزًا في شيطنة وحدة سهم، متهمة إياها بارتكاب “اغتيالات” خارج القانون، وبأنها تمثل “امتدادًا لسلطة تحكم غزة بالنار والحديد منذ عشرين عامًا”.

لكن اللافت أن هذه السردية تتطابق حرفيًا مع الخطاب الإسرائيلي الذي يستهدف المقاومة ويعمل على تقويض أدواتها العسكرية والأمنية من الداخل.

ويؤكد مراقبون أن وصف وحدة أمنية مختصة بضبط الأمن المجتمعي في ظل الحرب بأنها “أداة للقتل” لا يمكن فصله عن أهداف المنصة ومموليها في ضرب الجبهة الداخلية وتقديم خدمات إعلامية مجانية للاحتلال.

بل يمكن القول إن ما تقوم به جسور نيوز هو جزء لا يتجزأ من المنظومة الإسرائيلية الناطقة بالعربية التي تهدف إلى نزع الشرعية عن كل أشكال المقاومة وضرب الحالة المعنوية داخل غزة.

الاعتراف الإسرائيلي يكشف المستور

المفارقة أن المنشور الذي بثه أمجد أبو كوش أسقط القناع عن الجهات التي تهاجم وحدة سهم، إذ جاء فيه – بشكل غير مقصود – إقرار ضمني بأن من يعادي القوى الأمنية في غزة إنما يخدم مباشرة أجندة الاحتلال، ويقف في خندق واحد مع من يسعون لتدمير النسيج الاجتماعي الفلسطيني.

هذا الاعتراف يكشف حجم التخبط داخل المعسكر المتحالف مع الاحتلال الإسرائيلي، الذي بات يدرك أن فشل مشروع الفوضى الداخلية يدفعه نحو التصعيد الإعلامي والتضليل والدعاية السوداء.

دور شبكة أفيخاي: هندسة الفتنة عبر ناطقين بالعربية

شبكة أفيخاي – التي تضم عشرات الأفراد العرب والمسلمين ممن يعملون في إطار الدعوة للتطبيع وتبرير الرواية الإسرائيلية – كثّفت منذ أشهر نشاطها الإعلامي عبر شخصيات تتستر بعبارات “الحياد”، لكنها في الواقع تشن حربًا ناعمة على المقاومة، عبر التشكيك في نواياها، وبث الشائعات، والترويج لصراعات داخلية مزعومة.

في هذا السياق، يمكن فهم حملة التشويه ضد وحدة سهم باعتبارها جزءًا من محاولة إسرائيلية–إماراتية منسّقة لضرب الحصانة الداخلية في غزة.

إذ تسعى هذه الشبكة إلى تصوير العملاء كـ”ضحايا”، وتبرير تعاملهم مع الاحتلال، على حساب مقاومة تقوم بدور أمني وعسكري تاريخي في ظل ظروف شبه مستحيلة.

وحدة سهم: درع داخلي في زمن التهديدات المتعددة

رغم التشويه الممنهج، فإن الدور الذي تؤديه وحدة سهم في الميدان لا يقبل التأويل.

فهي تقوم بملاحقة شبكات الجريمة، وتواجه حالات السطو، وتكافح العملاء، وتحفظ التماسك الداخلي في بيئة يستثمر فيها الاحتلال كل ثغرة لنشر الفوضى والانهيار.

ومن غير المعقول المطالبة بفك قبضة الأمن في غزة تحت ذريعة “حقوق الإنسان” بينما ترتكب إسرائيل يوميًا جرائم حرب لا تجد من يذكرها في تقارير جسور نيوز أو أمجد أبو كوش.

المشروع التخريبي لن يمر

بات من الواضح أن الحملة التي تشنها جهات ناطقة بالعربية، ومنصات محسوبة على دول التطبيع، وعلى رأسها الإمارات، تتجاوز مجرد النقد أو المعارضة السياسية، لتصل إلى مستوى التحريض المباشر على تفكيك الأجهزة الأمنية التي تشكل حجر الزاوية في صمود غزة.

وفي ظل ما يشهده القطاع من حرب إبادة، فإن الهجوم على وحدة سهم أو غيرها من التشكيلات الأمنية المقاومة ليس سوى أداة في المشروع الإسرائيلي لتقويض الجبهة الداخلية، وتحويل بوصلة المقاومة من مواجهة العدو إلى الانشغال بمعارك داخلية.

لكن ما فات هؤلاء أن الوعي الشعبي الفلسطيني تجاوز محاولات التضليل، وأن الرهان على إسقاط غزة من داخلها قد سقط مرارًا، وسيسقط مجددًا.

أما جسور نيوز وأمثالها، فسيُذكرون كأبواق خذلت الأمة، وتحالفت مع القاتل، في وقت كانت غزة تنزف وتقاوم في آنٍ واحد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى