معالجات اخبارية
أخر الأخبار

كمائن الإغاثة.. رفح تنزف عند “نقاط الموت” الأمريكية–الإسرائيلية

في جريمة مروعة تهزّ الضمير الإنساني، حوّل جيش الاحتلال الإسرائيلي ما يُسمى بنقاط توزيع المساعدات في رفح إلى ساحات إعدام جماعي، بعد أن استهدف حشودًا من المدنيين الذين تجمّعوا طلبًا لرغيف الخبز في خضمّ كارثة إنسانية غير مسبوقة تعصف بقطاع غزة.

حيث قُتل عشرات الفلسطينيين، بينهم أطفال ونساء، برصاص مباشر أُطلق نحو المدنيين في لحظة انتظار مأساوية لمساعدات إنسانية شحيحة، لا تصل إلا عبر “ممرات آمنة” يديرها الاحتلال بنفسه، تحت غطاء مؤسسات تفتقر لأدنى معايير الحياد والاستقلال.

رفح تنزف عند “نقاط الموت”

وما جرى في رفح ليس حادثًا منفصلًا، بل جريمة متكررة ضمن نمط ممنهج من استخدام المساعدات كسلاح حرب.

وما يُفترض أن يكون شريان حياة، بات في واقع الحال مصيدة موت، تُدار تحت إشراف مباشر من جيش الاحتلال وتُغطى سياسيًا وماليًا من واشنطن.

وهذه “النقاط العازلة”، التي تم الترويج لها دوليًا كاستجابة إنسانية، تحوّلت فعليًا إلى غيتوهات عزل جماعي، يتكدس فيها الجوعى تحت أعين الجنود وقناصاتهم، في مشهد يُعيد إلى الأذهان أسوأ لحظات التطهير العرقي في التاريخ الحديث.

كمائن الإغاثة

والمساعدات التي تُدخلها مؤسسات مشبوهة، مثل مؤسسة “غزة للإغاثة الإنسانية”، ليست سوى واجهة لإدارة الحصار لا كسره.

وهذه الجهات، التي تُسيطر على آلية التوزيع، تُدار فعليًا من غرف عمليات عسكرية، وتعمل على تجميع السكان في نقاط مكشوفة، ثم تركهم فريسة سهلة لنيران الاحتلال.

وبدلًا من أن تكون هذه المراكز ملاذًا للفقراء، أصبحت كمائن مفتوحة، يتحول فيها الخبز إلى طُعم، والجوع إلى وسيلة هندسة اجتماعية تهدف إلى تفكيك النسيج المجتمعي وتجريد الفلسطينيين من كرامتهم.

ومنع دخول المساعدات من المعابر الرسمية، وإجبار السكان على التوجه إلى نقاط مشبوهة يسيطر عليها الاحتلال، يُعدّ سياسة ممنهجة تستهدف كسر إرادة المجتمع، وتحويل العمل الإنساني إلى ورقة مساومة سياسية وعسكرية.

وفي ظل صمت دولي مخزٍ، يواصل الاحتلال ارتكاب جرائم حرب علنية، مستخدمًا الجوع كسلاح، والمساعدات كطُعم، والمدنيين كأهداف مكشوفة.

وما يجري في رفح اليوم ليس مجرد مجزرة جديدة، بل فصل مرعب من مشروع إبادة مستمر، تُستخدم فيه أدوات إنسانية بظاهرها، وعسكرية في جوهرها.

وفي هذا المشروع، تتواطأ قوى دولية، وتغيب العدالة، ويتحول القانون الدولي إلى مجرد نصوص عاجزة عن وقف نزيف الدم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى