في جريمة تهزّ الضمير الإنساني وتكشف الوجه الحقيقي للعدوان، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة أن عدد شهداء أطفال غزة بلغ حتى اليوم 16 ألفاً و503 طفلاً، في حصيلة صادمة تلخص حجم الاستهداف الممنهج لأكثر فئات المجتمع ضعفاً وبراءة.
ولا يتعلق الأمر بمجرد أرقام، بل بأرواح صغيرة كانت تستعد للحياة، ووجوه لم تعرف سوى سنوات قليلة من الطفولة، قبل أن تُحرق أو تُسحق أو تُسحب من تحت الأنقاض.
أطفال غزة يُبادون
هذه المجزرة التي تُنفّذ أمام أعين العالم في وضح النهار، لم تترك فئة عمرية من الأطفال إلا وطالتها آلة الحرب الإسرائيلية. فوفق التصريح الرسمي الصادر عن وزارة الصحة، استشهد:
-
916 رضيعاً لم يتجاوزوا عامهم الأول
-
4,365 طفلاً تتراوح أعمارهم بين عام وخمسة أعوام
-
6,101 طفلاً في عمر المدارس من 6 إلى 12 عاماً
-
5,124 فتى بين سن 13 و17 عاماً
أطفال غزة لا يموتون فقط، بل يُقتلون عمدًا، يُقتلون أمام أعين أمهاتهم، تحت أنقاض بيوتهم، وفي ملاجئهم، وحتى في أحضانهم.
جريمة ضد الطفولة والإنسانية
يُقتلون بقذائف الطائرات والمدفعية، لا لشيء سوى أنهم فلسطينيون يعيشون في أرضٍ قررت إسرائيل تحويلها إلى مسرح إبادة جماعية، وسط صمت عربي ودولي مخزٍ، وتواطؤٍ واضح من القوى الكبرى.
وما يحدث في غزة ليس فقط حرباً على المقاومة، بل هو تطهير ممنهج ضد الأطفال. ضد من يُفترض أن يكونوا مستقبل هذا الشعب. هؤلاء الشهداء لم تُكتب لهم الحياة، ولم يُمنحوا فرصة الذهاب إلى المدرسة، أو اللعب في الأزقة، أو حتى أن ينادوا على أمهاتهم بسلام. كل ما حصلوا عليه هو قصف مباشر، وحرمان من الحياة، وتجاهل عالمي مريب.
نداء من تحت الأنقاض
وشددت الوزارة في بيانها على أن هذه الأرقام المفزعة لا تمثّل فقط أرواحاً صعدت إلى السماء، بل تختصر كارثة إنسانية غير مسبوقة، وجريمة موثقة ضد جيلٍ كامل. جيل كان من المفترض أن ينمو ويتعلم ويحلم، لا أن يُدرج في سجلات الموت، ويُدفن في مقابر جماعية أو يُترك تحت الركام.
وفي ظل هذا المشهد الكارثي، طالبت وزارة الصحة المجتمع الدولي، وهيئات حقوق الإنسان، والمنظمات الأممية بتحمل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية، والضغط الجاد لوقف المجازر بحق المدنيين، وعلى رأسهم الأطفال، ومحاسبة قادة الاحتلال أمام المحاكم الدولية كمجرمي حرب.
تصعيد جديد والمجزرة مستمرة
وكانت قوات الاحتلال قد عاودت عدوانها على قطاع غزة منذ فجر الثامن عشر من آذار/مارس 2025، متراجعة عن اتفاق هدنة استمر نحو 60 يوماً، تم بوساطة أمريكية ومصرية وقطرية.
وشملت الغارات مختلف مناطق القطاع، وأسفرت عن آلاف الشهداء والجرحى، في وقت يعيش فيه القطاع أوضاعاً إنسانية كارثية تحت الحصار.
ومنذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، تُنفّذ إسرائيل، بدعم كامل من الإدارة الأمريكية، إبادة جماعية في قطاع غزة، أسفرت عن نحو 175 ألف شهيد وجريح، معظمهم من النساء والأطفال، إلى جانب أكثر من 14 ألف مفقود لا تزال جثثهم تحت الأنقاض أو في عداد المختفين قسراً.
وأطفال غزة هم الشاهد الأكبر على فشل هذا العالم. عالم فقد ضميره، وصمّ آذانه عن صراخ الطفولة، وأدار ظهره لجراح أمهات يحملن في قلوبهن أسماء صغار لم يعودوا إلى البيت. لكن حتى في الموت، هؤلاء الأطفال يصنعون وثيقة اتهام مفتوحة ضد الاحتلال وكل من يسانده أو يصمت عن جرائمه.





