الأرزقي عبدالحميد عبدالعاطي يتطاول على سلاح المقاومة على وقع أفعال ثقيلة

ذهب الأرزقي عبدالحميد عبدالعاطي، أحد وجوه شبكة أفيخاي الإعلامية، بعيدًا في تحريضه وتساوقه مع خطاب الاحتلال حين وصف سلاح المقاومة بأنه “سلاح استعراضي”.
تغريدة كهذه تستحق التوقف والتحليل: هل نقيم الأسلحة بمعيار بريقها الإعلامي، أم بقدرتها على فرض كلفة استراتيجية على الخصم وحماية المدنيين وإعادة توازن الردع؟ أفعال الميدان تردُّ دائمًا على لغة الأقلام الخفيفة.
يأتي ذلك رغم أن المطالبة بتسليم السلاح الكامل للمقاومة واردة صراحة في خطة ترامب التي طرحت شروطًا تقضي بتفكيك بنية المقاومة العسكرية وتسليم أسلحتها كجزء من صفقة واسعة؛ هذا مطلب لا يخفيه أصحاب المبادرة ولا يمكن تجاهله عند تقييم أي حديث عن “التسليم” أو “الاستعراض”.
وما يُسمّى “سلاح الاستعراض” في منطق أصحاب السخرية ليس مزحة ميدانية: فقدرات المقاومة — خصوصًا الأنفاق والعبوات المضادة — أثبتت خلال عامين من المواجهة أنها ليست لعبة استعراضية.
بل أداة فعّالة لإخراج عشرات الآلاف من الجنود عن الخدمة، وإيقاع خسائر مادية وبشرية معتبرة في صفوف جيش الاحتلال، وتعطيل خطط تكتيكية واستراتيجية لطالما اعتُبرت محصنة. شهود الميدان والفيديوهات المفتوحة تُظهر تدمير دبابات وآليات إسرائيلية وتكبّد قوات الاحتلال خسائر متواصلة على الأرض.
المقاومة الفلسطينية في غزة
إن السلاح المحلي والتصنيع الداخلي الذي طورته المقاومة في غزة على مدار سنوات ليس «خردة» بل نتيجة برنامج طويل لبناء قدرة ذاتية في بيئة حصار.
وسبق أن كشفت تقارير استقصائية كشفت عن شبكة تحت الأرض لصناعة وتطوير الأسلحة في غزة، وعن تحول حقيقي في القدرة التصنيعية والابتكار التكتيكي عند المقاومة.
وتساءل مغردون إن كان سلاح المقاومة “استعراضيًا”، فلماذا تُحمَل على طاولة التفاوض مطالب تتضمن نزع السلاح كشرط أولي لأي صفقة؟ ولماذا تُصاغ شروط من خارجية تطالب بتسليم كل البنية العسكرية؟ هذا التساؤل يكشف أن القيمة الحقيقية لهذا السلاح ليست جمال عرضه الإعلامي، بل كونه مصدر قدرة وإكراه جعل من نقل المعادلات على الأرض ممكنًا.
كما يتوجب تذكُّر أن نتائج السلاح “الاستعراضي” المزعوم تُقاس بأرقام وتداعيات: خروج وحدات قتالية عن الخدمة، تدمير آليات ثقيلة، تكبّد ميزانيات طائلة لإعادة التجهيز، ونقص في العنصر البشري لدى جيش الاحتلال دفعت إلى تجنيد مكثف واستنزاف أوسع.
فهذه آثار لا تنتجها صور أو شعارات؛ إنها حصيلة فعليّة لعمليات ميدانية أثبتت جدواها التكتيكية والاستراتيجية.
في المقابل فإن نقد عبدالعاطي ينسى بعدًا أخلاقيًا وسياسيًا: في بلدٍ تُمارَس عليه إبادة جماعية وما يتعرض له السكان من قتل وتجويع وتدمير يومي، يصبح الحديث عن شرعية السلاح المقاوم أمرًا أخلاقيًا ووجوديًا.
وإن المطالبة بتسليم سلاح المقاومة أمام آلة احتلال تملك جيشًا ودولةً وغطاءً إقليميًا ودوليًا لا يعدو أن يكون دعوة لاستمرار المأساة دون مقاومة وفرض الاستلام الكامل على الفلسطينيين.
وبالمحصلة فإن سلاح المقاومة، مهما وصِف بـ”الاستعراضي”، حقق كلفة استراتيجية أجبرت أطرافًا دولية وإقليمية على الجلوس إلى طاولة تفاوض — وهذه نتيجة لا يستهان بها ولا تُقاس بمزاعم المتباكين على سياسات الاحتلال.
وعليه فإن تصريحات عبدالعاطي تعكس موقفًا إعلاميًا وسياسيًا معاديًا للمقاومة، لكنها تصطدم بواقعٍ ميدانيٍّ صارخ: هناك من يسخر من السلاح، وهناك من يُقاسمه النتائج — والتاريخ سيحكم بين ما هو عرضي وما هو جاد.