معالجات اخبارية

سبعة علماء دوليين يؤكدون: إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة

في تقرير مهم نشرته مجلة NRC الهولندية، أُجري حوار مع سبعة من أبرز العلماء والخبراء في مجال الإبادة الجماعية على المستوى العالمي، الذين اتفقوا بشكل قاطع على وصف ما يحدث في قطاع غزة على يد الاحتلال الإسرائيلي بأنه “إبادة جماعية”.

وهذه التأكيدات من العلماء البارزين تأتي وسط موجة متصاعدة من العنف، وحصار خانق تسبب في معاناة إنسانية غير مسبوقة داخل القطاع في إطار استخدام التجويع كسلاح حرب.

ففي خضم الجدل والاختلاف الذي يحيط بالرأي العام والإعلام حول طبيعة الأفعال الإسرائيلية في غزة، يبرز توافق غير مسبوق بين هؤلاء العلماء المختصين، الذين ينتمون لجامعات ومؤسسات بحثية عالمية مرموقة، حيث أكدوا جميعًا أن الإجراءات الإسرائيلية تمثل إبادة جماعية وفقًا للتعريفات القانونية الدولية.

ووفقًا لأقوالهم، فإن غالبية العلماء في مجال دراسات الإبادة الجماعية يؤيدون هذا التقييم، ما يجعل هذا الموقف علميًا وقانونيًا محكمًا، وليس مجرد رأي شخصي أو سياسي.

ما هي الإبادة الجماعية؟

يشرح الباحثون أن “الإبادة الجماعية” مصطلح قانوني له تعريف واضح في اتفاقية الأمم المتحدة لمنع جريمة الإبادة الجماعية ومكافحتها (1948)، والتي تصفها بأنها الأفعال المرتكبة بنية تدمير جماعية كلية أو جزئية لشعب أو جماعة قومية أو إثنية أو دينية.

ويقول البروفيسور “مارك ديفيس” – أحد المشاركين في الحوار – إن السياسات التي تنتهجها دولة الاحتلال في غزة تستوفي جميع الشروط القانونية لهذا التعريف، حيث تسعى من خلال الحصار والتدمير المتعمد للبنية التحتية والحصار الغذائي إلى القضاء على جزء كبير من السكان المدنيين، وخلق ظروف مميتة تهدد وجودهم بشكل مباشر.

سياسات التدمير المنهجية

يؤكد الباحثون أن إسرائيل تستخدم مجموعة من الأساليب التي تندرج ضمن جرائم الإبادة الجماعية، منها:

الحصار الكامل: إغلاق المعابر ومنع دخول المواد الغذائية والدوائية الأساسية، ما يؤدي إلى تجويع المواطنين وتركهم في ظروف صحية كارثية.

القصف المكثف والمتعمد للبنية التحتية: استهداف المستشفيات، المدارس، ومرافق المياه والكهرباء بهدف تدمير القدرات الأساسية لبقاء السكان.

التهجير القسري والتدمير المتواصل للمنازل: الذي يتسبب في نزوح داخلي واسع وتفتيت النسيج الاجتماعي.

وتؤكد الدكتور “إليزابيث مورغان”، خبيرة القانون الدولي الإنساني، أن ما تفعله إسرائيل يتجاوز حتى الحروب التقليدية، إذ إنه محاولة ممنهجة لإبقاء قطاع غزة تحت الحصار الكامل حتى الموت البطيء.

المجتمع الدولي ومسؤولياته

يشير العلماء إلى أن الصمت أو التحرك البطيء للمجتمع الدولي يزيدان من معاناة الفلسطينيين، ويُعتبران تمكينًا غير مباشر للإبادة الجماعية.

ويوضح الدكتور “سامويل براون” أن هناك أدلة كافية توجب على مجلس الأمن الدولي التدخل فوراً لوقف الجرائم، ومحاسبة المسؤولين، إلا أن السياسة الدولية ما زالت تعجز عن اتخاذ إجراءات حاسمة.

كما حذر الباحثون من أن استمرار الصمت قد يؤدي إلى تداعيات كارثية على استقرار المنطقة، ويعزز من التوترات والصراعات الأوسع.

رفض الادعاءات الإسرائيلية بتبرير العمليات

تطرق العلماء في حواراتهم إلى المزاعم الإسرائيلية التي تبرر عملياتها العسكرية بأنها “رد فعل ضروري” على ما تصفه بـ”التهديدات الأمنية”، مشيرين إلى أن الدفاع عن النفس لا يبرر استهداف المدنيين أو فرض حصار يؤدي إلى موتهم بالجوع أو المرض.

وقالت البروفيسور “رينا كوهين” “إن القانون الدولي يسمح للدول بالدفاع عن نفسها، لكنه يفرض عليها احترام مبادئ التناسب والتمييز بين المدنيين والمقاتلين، وهو ما لم يحدث في هذه الحالة”.

وجميع العلماء المشاركين أشاروا إلى أن القضية يجب أن تطرح على محكمة الجنايات الدولية، مع ضرورة فتح تحقيق شامل في جرائم الحرب والإبادة الجماعية المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني.

البروفيسور “جوليان روبرتس” أكد أن التأخير في المحاسبة لن يؤدي إلا إلى تفاقم الأوضاع ويعطي الضوء الأخضر لاستمرار الجرائم، مطالبًا المجتمع الدولي بضغوط دبلوماسية وسياسية لوقف هذه الانتهاكات.

انعكاسات التقرير على الرأي العام والسياسي

تقرير NRC الهولندية يأتي في وقت حساس، حيث يتصاعد النقاش العالمي حول المسؤولية الدولية تجاه ما يحدث في غزة. ويعكس التقرير محاولة واضحة لكسر الحواجز الإعلامية التي تحيط بالقضية الفلسطينية، وإلقاء الضوء على وجهة نظر قانونية وإنسانية أكاديمية.

ويرى محللون أن مثل هذه التقارير العلمية قد تساهم في تعزيز حملات الضغط على الحكومات والهيئات الدولية، لوقف المجازر ومحاسبة مرتكبيها.

ورغم هذا الاتفاق العلمي، يقر الباحثون أن التحديات في تطبيق القانون الدولي على الأرض كبيرة، خاصة مع تعقيدات السياسة الدولية والتوازنات الإقليمية والدولية.

يقول الدكتور “أنطونيو فيريرا” إن “التحرك القانوني والإنساني يجب أن يكون مصحوبًا بتحرك شعبي واسع ونضال سياسي مستمر من أجل حماية حقوق الفلسطينيين وإنهاء الحصار”.

وتؤكد نتائج الحوار مع العلماء السبعة أن ما يجري في غزة يحمل كل معايير وصفة “الإبادة الجماعية”، وأن هناك إجماعًا أكاديميًا متزايدًا على هذه الحقيقة، في مواجهة محاولات النفي أو التبرير التي تستخدمها بعض الأطراف.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى