تحليلات واراء

سقوط مدوٍ لإعلام السلطة وتماهي مع الحرب النفسية الإسرائيلية

صحيفة القدس تحرض على قيادات القسام

مع تواصل الحرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، يبرز سقوط مدوٍ للإعلام الرسمي التابع للسلطة الفلسطينية، وخاصة صحيفة القدس، التي تتحول من منبر وطني إلى أداة تحريض ضد فصائل المقاومة الفلسطينية، لاسيما كتائب القسام، الذراع العسكرية لحركة حماس.

هذه الصحيفة التي يفترض أن تكون حامية للقضية الوطنية، مارست وتكثف نشر تقارير ومعلومات مضللة حول قيادات القسام، تنشر استهدافاً نفسياً وعقلياً لهم، وكأنها تخوض ثأراً شخصياً، متماهية بشكل خطير مع الحرب النفسية التي يشنها الاحتلال ضد المقاومة.

وفيما يواجه القائد البارز في كتائب القسام عز الدين الحداد محاولات اغتيال متكررة، تزداد المعركة الإعلامية تعقيداً بين أطراف فلسطينية وإسرائيلية، مما يعكس أزمة حقيقية في المشهد الفلسطيني والإعلامي.

مؤشرات سقوط إعلامي فاضح

منذ اندلاع الحرب في غزة، ركزت صحيفة القدس، التي تتبع مؤسسات السلطة الفلسطينية، على توجيه حملات ممنهجة ضد كتائب القسام وقياداتها.

ولا يقتصر الأمر على نقد سياسي عادي، بل تحولت إلى آلة تحريضية تنشر معلومات مضللة ومغلوطة عن شخصيات وممارسات المقاومة، وتهدف إلى توريطهم في أزمات وهمية، وتحطيم صورتهم أمام الرأي العام الفلسطيني والعربي.

هذا التحريض العلني والممنهج يعكس سقوطاً إعلامياً واضحاً، وابتعاداً عن الدور الوطني الذي يجب أن تلعبه المؤسسات الإعلامية الفلسطينية في دعم صمود الشعب ومقاومته أمام العدوان الإسرائيلي.

بل إن هذه الحملات تبدو كأنها تابعة لخطوط استثمارها في الحرب النفسية الإسرائيلية، حيث يُشن ضد كتائب القسام حرب إعلامية نفسية تهدف إلى تفكيك الروح المعنوية للجبهة المقاومة، وتخريب الوحدة الوطنية.

الإعلام الرسمي والتماهي مع الحرب النفسية الإسرائيلية

تحليل محتوى صحيفة القدس يظهر بوضوح أن ممارساتها تتماهى مع سياسات الاحتلال الإسرائيلي، بل إنها تُساهم في نشر خطاب العدو نفسه، والذي يركز على شيطنة المقاومة وتبرئة الاحتلال من جرائمه.

يتضح أن الإعلام الرسمي للسلطة يتبع في كثير من الأحيان نهجاً يقربه من دوائر القرار الإسرائيلي، لا سيما في ظل التنسيق الأمني والسياسي القائم بين السلطة والاحتلال.

وهذا التنسيق لا يقتصر على الجوانب الأمنية، بل يمتد إلى ميدان الإعلام، حيث تُستخدم الصحف التابعة للسلطة كمظلة لشن حرب نفسية داخلية على المقاومة، في محاولة لاستهداف الرموز الوطنية والفصائلية.

إن هذه السياسة لا تشكل فقط تراجعاً عن الموقف الفلسطيني الموحد في مواجهة الاحتلال، وإنما تخلق شرخاً خطيراً داخل المجتمع الفلسطيني، وتدفع نحو مزيد من الانقسامات، في وقت هو أحوج ما يكون إلى الوحدة والتلاحم.

عز الدين الحداد: رمز المقاومة

في وسط هذه الحملات الإعلامية، تتصدر شخصية عز الدين الحداد المشهد كمحور للنيران السياسية والإعلامية، ليس فقط من الجانب الإسرائيلي، بل أيضاً من جهات فلسطينية داخلية.

الحداد، المعروف بلقب “أبو صهيب”، هو القائد الفعلي للذراع العسكرية لحماس في غزة يعد الشخصية العسكرية الأبرز التي تتحكم في مسار العمليات والأسرى الإسرائيليين.

وكشفت تقارير عديدة، منها تقرير صحيفة “تايمز” البريطانية، أن الحداد نجح في النجاة من عدة محاولات اغتيال إسرائيلية منذ 2008، منها ثلاث محاولات فقط منذ بداية الحرب الأخيرة، ما يؤكد مدى الخطر الذي يشكله للاحتلال.

كما تبذل أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية جهوداً مضنية لتصفية الحداد، الذي يشكل رأس الحربة في مواجهة الاحتلال.

في المقابل، فإن وسائل الإعلام التابعة للسلطة الفلسطينية، وخصوصاً صحيفة القدس، من خلال حملاتها المستمرة ضده وضد كتائب القسام، تلعب دوراً مشبوهًا في تضييق مساحة المقاومة، وكأنها تقدم خدمة غير مباشرة للاحتلال، ما يفتح باب التساؤلات عن أهدافها الحقيقية ومدى استقلاليتها.

بين مسؤولية وطنية وممارسات مشبوهة

تواجه الصحافة الفلسطينية الرسمية معضلة حقيقية في هذه المرحلة الحساسة، حيث يفرض عليها واقع الاحتلال المعقد، إلى جانب الانقسامات الداخلية. غير أن هذا لا يبرر التحول إلى أدوات تحريضية تنسجم مع خطاب العدو وتساهم في تمزيق النسيج الوطني.

ويقول مراقبون إن الإعلام الوطني الفلسطيني يتحمل مسؤولية كبيرة في تقديم صورة نزيهة وصحيحة عن المقاومة، التي تمثل خياراً لا مفر منه للشعب الفلسطيني في مواجهة العدوان والاحتلال. ويجب أن يتحلى الإعلام الفلسطيني بالموضوعية والمسؤولية، لا أن يكون منبرا لتحريض داخلي يهدد أمن وسلامة قادة المقاومة الذين يدافعون عن الشعب.

وإن تحريض صحيفة القدس التابعة للسلطة الفلسطينية على كتائب القسام وقياداتها يضع الإعلام الفلسطيني في مأزق أخلاقي ووطني حاد، ويكشف عن تماهي خطير مع الحرب النفسية الإسرائيلية التي تهدف إلى تفكيك المقاومة من الداخل. هذا التحريض ليس إلا سقوطاً إعلامياً مدوياً ينعكس على الموقف الفلسطيني ككل، ويفتح الباب أمام المزيد من الانقسامات والتراجع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى