معالجات اخبارية

الجارديان: الانقسام يمزق الجيش الإسرائيلي مع استدعاء جنود الاحتياط

يستعد عشرات الآلاف من جنود الاحتياط الإسرائيليين للعودة إلى الخدمة في الأسابيع المقبلة، بعد إعلان جيش الاحتلال استدعاء 60 ألف جندي احتياط لهجوم عسكري واسع على مدينة غزة وشمالها.

وأبرزت صحيفة الجارديان البريطانية، أن قرار الاستدعاء لجنود الاحتياط أثار جدلاً داخليًا عميقًا، عكس الانقسامات المتزايدة داخل المجتمع الإسرائيلي حول استمرار حرب الإبادة في غزة.

وبالنسبة لكثير من الجنود، يمثل الاستدعاء الجديد خيارًا قاسيًا بين الالتزام العسكري والانقسام الشخصي والأيديولوجي. بعضهم يصر على أن استمرار الحرب بلا أفق سياسي أو عسكري واضح يعني أن “التضحية أصبحت بلا معنى”.

“نموت بلا سبب”

يقول أفيعاد يسرائيلي، مسعف ميداني خدم في غزة الشهر الماضي: “نحن مستعدون للتضحية بحياتنا… لكن الحقيقة الواضحة هي أننا نموت الآن بلا سبب. عسكريًا لم يعد هناك ما نكسبه”.

رأيه يتقاطع مع شريحة من الجنود ترى أن الحرب لم تعد تحقق أهدافها المعلنة: لا إنهاء للمقاومة، ولا ضمان للإفراج عن الأسرى من غزة، ولا أمان للكيبوتسات الحدودية.

يقول جندي مظلي في الـ47 من عمره، خدم أكثر من 450 يومًا منذ هجوم 7 أكتوبر 2023: “لم أثق أبدًا بهذه الحكومة. أعود للخدمة دائمًا بقلب مثقل… أستمر فقط من باب التزامي تجاه كتيبتي، لأنها مثل عائلتي”.

الرأي العام الإسرائيلي.. الأسرى أولوية

أظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة للرأي العام الإسرائيلي أن ثلاثة أرباع الإسرائيليين يؤيدون صفقة لإطلاق سراح الأسرى، فيما قال أكثر من نصف المستطلعة آراؤهم إن إدارة نتنياهو للحرب “سيئة”.

ومع ذلك، تكشف استطلاعات أخرى أن نحو 75% من اليهود الإسرائيليين يتفقون مع مقولة “لا يوجد أبرياء في غزة”، ما يعكس ازدواجية الموقف الشعبي: تعاطف مع الأسرى، وقسوة مفرطة تجاه المدنيين الفلسطينيين.

ورغم الشكوك المتزايدة، لا يزال عدد كبير من جنود الاحتياط مقتنعًا بضرورة الاستمرار.

يقول إيريز إيشيل، عقيد احتياط خدم 550 يومًا: “إنها حرب طويلة، لكنها معركة وجودية. لا خيار لنا بالتوقف”.

لكن آخرين يقرون بتناقض مشاعرهم: أحد المظليين قال: “بعد السابع من أكتوبر، شعرت أن غزة تستحق الضربة. لكن اليوم، معاناة المدنيين هناك تثقل ضميري، وإن كانت الأولوية تظل للأسرى”.

الاحتياط: العمود الفقري للجيش

يشكل جنود الاحتياط حوالي 70% من القوة الكاملة لجيش الاحتلال الإسرائيلي، ونصف بعض الوحدات القتالية. الاستدعاءات المتكررة منذ 2023 تسببت في إنهاك كبير:

بعضهم خدم أكثر من 700 يوم.

12% ظهرت لديهم أعراض اضطراب ما بعد الصدمة.

آلاف فقدوا وظائفهم أو تفككت حياتهم الأسرية.

في ظل هذا الضغط، يتزايد التوتر حول رفض المجتمع الحريدي (اليهود الأرثوذكس) الخدمة العسكرية، ما يثير غضبًا واسعًا بين الجنود الذين يعتبرون أنفسهم يتحملون العبء الأكبر.

ورغم أن حالات الرفض الرسمي محدودة، فإن كثيرين يجدون طرقًا للتهرب: الإبلاغ عن إصابات أو أمراض، وادعاء ظروف عائلية أو شخصية، إلى جانب تجاهل الاستدعاء.

يعلق العقيد الاحتياط في جيش الاحتلال أرييل هايمان: “يمكن لأي جندي أن يجد عذرًا. لو فعل الجميع ذلك سينهار النظام. لكن حتى الآن، لم يحدث هذا”.

وقد وقع آلاف العسكريين السابقين على عرائض تطالب بإنهاء الحرب، لكن الأصوات تبقى محدودة مقارنة بعدد الاحتياط.

تكاليف باهظة وانقسام مستمر

أبرزت الجارديان أن تكلفة حرب الإبادة الإسرائيلية لا تُقاس بالضحايا وحدهم، بل بالاقتصاد المنهك، والمجتمع المنقسم، واحتياط مرهق.

ويعتقد نصف الجنود أن “الضربات ضد غزة يجب أن تستمر”، بينما يشارك آخرون في مظاهرات السبت ضد الحرب، قبل أن يعودوا في اليوم التالي إلى القتال.

هذا الانقسام يعكس مأزقًا أوسع: (إسرائيل) غارقة في حرب بلا نهاية واضحة، وجنودها الاحتياطيون – عماد الجيش – ممزقون بين الولاء العسكري والشكوك المتزايدة في جدوى المعركة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى