تحليلات واراء

القضاء على العصابات العميلة في غزة أولوية وطنية فور سريان التهدئة

مع استئناف المفاوضات غير المباشرة لوقف إطلاق نار في قطاع غزة، تتجه الأنظار إلى مرحلة ما بعد الحرب، حيث يبرز تحدٍ خطير بات محل إجماع شعبي ووطني: القضاء على العصابات المسلحة المدعومة من الاحتلال الإسرائيلي، وعلى رأسها عصابة ياسر أبو شباب التي تورطت في محاولات مكشوفة لتفكيك الجبهة الداخلية الفلسطينية، وبث الفوضى، وتخريب الأمن المجتمعي في القطاع.

وقد أثبتت التجربة، كما في جولات سابقة، أن الاحتلال لا يكتفي بالقصف والقتل، بل يسعى دائمًا لزرع أدوات داخلية تسهّل له الانقضاض على ما تبقى من حياة في غزة.

وفي هذا السياق، تشير الوقائع الميدانية والتقارير الاستخباراتية إلى تنامي نشاط مجموعات مسلحة عميلة، تتحرك ضمن أجندة الاحتلال، وتستهدف الاستقرار الاجتماعي والوطني.

عصابات خارجة عن القانون.. وأجندات إسرائيلية

المحلل السياسي إبراهيم المدهون يقول إن عصابة ياسر أبو شباب وأمثالها “تشكلت بفعل ظروف الحرب والضغط الاقتصادي، وهي تعتمد على عناصر خارجة عن القانون، من لصوص وقطاع طرق”.

ويؤكد المدهون أن هذه العصابات لا تمتلك أي مشروع سياسي أو تنظيم عسكري حقيقي، وأن وجودها مرتبط بحماية الاحتلال الذي يوفّر لها الدعم اللوجستي والتحرك الميداني في بعض المناطق المنكوبة.

ويضيف أن هذه العصابات معزولة عن المجتمع الفلسطيني، “ولا تتحرك إلا في ظل الاحتلال وتحت حمايته الجوية أو الميدانية، مما يدل على أنها مجرد أدوات آنية في خدمة الاحتلال”.

ويؤكد المدهون أن وقف إطلاق النار سيكون فرصة لفصائل المقاومة لتصحيح هذا الخلل، حيث سيتم فتح ملف هذه العصابات عبر مسارات متعددة: أمنية وقضائية ومجتمعية.

ويرى أن المقاومة قد تمنح فرصة محدودة لمن تورط تحت الضغط أو الغفلة للعودة إلى الصف الوطني، “لكن من يُصر على الارتباط بالاحتلال سيعامل كعدو”.

محاولة إسرائيلية لضرب التماسك المجتمعي

أما أحمد عطاونة، مدير مركز رؤية للتنمية السياسية، فيرى أن الاحتلال الإسرائيلي لم يكتفِ بالعدوان العسكري المباشر، بل حاول تفتيت الجبهة الداخلية الفلسطينية في غزة من خلال “تشكيل ميليشيات مسلحة تعمل تحت سلطته بهدف فرض نفوذه الكامل، خاصة في ظل الحديث المتصاعد عن مرحلة ما بعد الحرب”.

ويعتبر عطاونة أن الهدف الأساسي من هذه الجماعات العميلة هو ضرب التماسك المجتمعي، وتصفية قوى المقاومة عبر خلق بيئة فوضى تُسهل السيطرة والتحكم الإسرائيلي غير المباشر.

ويشدد عطاونة على أن الفلسطينيين ليسوا غرباء عن مثل هذه المحاولات، فقد مرّوا بتجارب مماثلة في فترات مختلفة، وتمكنوا من إفشال جميعها بفعل وعيهم الشعبي والوطني.

ويضيف: “ما يميز هذه المرحلة أن الإجماع الشعبي والوطني بات واضحًا وقويًا، وقد أكدت عليه الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة في بيانها الأخير، عندما تحدثت بوضوح عن نيتها التصدي للعصابات المسلحة الموالية للاحتلال”.

ويؤكد عطاونة أن البيئة السياسية والاجتماعية في غزة ترفض بشكل كامل أي ظواهر من هذا النوع، وأن هذه المرحلة تتطلب حسمًا لا تراجع فيه، لأن الفوضى الداخلية لا تقل خطورة عن العدوان الخارجي.

الرفض الشعبي هو الحصن الأول

أما المحلل السياسي إياد القرا، فيشير إلى أن ظاهرة الميليشيات المحلية العميلة، مثل عصابة ياسر أبو شباب، تمثل تطورًا خطيرًا على الصعيدين الأمني والمجتمعي، خاصة وأنها تنشط بشكل علني تحت حماية الاحتلال، وتستغل السلاح لبسط النفوذ داخل بعض المناطق المنكوبة.

ويحذر القرا من أن الاحتلال يحاول استثمار الحالة الإنسانية الكارثية في غزة، وتجويع الناس، واحتكار المساعدات الإنسانية، ليخلق واقعًا مشوهًا تتحرك فيه هذه العصابات بصفتها قوة أمر واقع.

لكنه يطمئن إلى أن “المؤشرات تؤكد وجود رفض شعبي واسع لهذه الظاهرة، خصوصًا في حال الوصول إلى تهدئة، إذ ستُدرج هذه العصابات على رأس أهداف المقاومة”.

ويضيف أن التجربة أثبتت مرارًا أن “(إسرائيل) لا أصدقاء لها، وسرعان ما تتخلى عن أدواتها، وما يجري اليوم هو تكرار لأساليب قديمة ستفشل كما فشلت سابقاتها، لأن الشعب الفلسطيني يعي تماماً خطورة هذه الظاهرة وسيتعامل معها بما تستحق من مقاومة ورفض.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى