معالجات اخبارية

مرتزقة الاحتلال لتجويع غزة… عملاء في ثوب تجّار

بينما يواصل الاحتلال الإسرائيلي حرب الإبادة ضد قطاع غزة، لا تقتصر أسلحته على الصواريخ والمدافع والطائرات. فالحصار والتجويع هما سلاحان أشد فتكاً، يفتك بالأجساد والعزائم على حدّ سواء.

غير أن الأدهى والأكثر خسة أن هذه الحرب لا تُشن من خارج غزة فحسب، بل تتورط فيها أيادٍ من داخل القطاع وخارجه، ارتضت لنفسها دور المرتزقة، متدثرةً برداء التجارة أو الوساطة، لتتحول إلى أدوات قذرة في يد المحتل.

وفي مقدمة هؤلاء يبرز خمسة أسماء باتت مفضوحة للرأي العام، بعدما تكشفت خيوط أدوارهم الإجرامية في خنق غزة وتجويع أهلها: محمد البرقي، ناهض ضبان، محمود ناهض ضبان، فادي ديب، عزات عقل.

محمد البرقي… الهارب المتواصل مع الاحتلال

يبدأ المشهد من محمد البرقي، الذي كان يعيش في غزة قبل أن يفرّ إلى رام الله، حيث وجد لنفسه ملاذاً آمناً يتيح له التحرك بحرية والتواصل مع جهات إسرائيلية يُعتقد أنها تشرف مباشرة على عمليات التضييق الاقتصادي على القطاع.

البرقي، الذي يقدّم نفسه كتاجر ورجل أعمال، يلعب دور الوسيط الذي يربط الاحتلال بشبكة من المتعاونين الاقتصاديين في غزة.

وتشير المعلومات إلى أنه يشارك في رسم خطوط إدخال أو منع السلع، ويضغط عبر نفوذه التجاري لمنح امتيازات لمستورِدين محددين مقابل عمولات ضخمة.

باختصار، تحوّل البرقي إلى مخلب قط اقتصادي للاحتلال، يوجه الحصار كيفما شاء ليكسب الأموال الطائلة بينما يزداد الناس فقراً وجوعاً.

ناهض ضبان… التاجر الذي خان غزة من القاهرة

انتقل ناهض ضبان، من غزة إلى القاهرة تاركاً أهله وأرضه تحت النار، فقد غدا أحد أبرز الوجوه المتورطة في شبكة خنق غزة اقتصادياً.

الرجل، الذي راكم ثروته من التجارة، صار أداة تنسيق عمليات الاستيراد والتصدير تحت عباءة “التسهيلات الإنسانية”، فيما هو في الحقيقة يسهم في تحريك خيوط الحصار لصالح الاحتلال.

ليس خافياً أن الاحتلال يعتمد على مثل هؤلاء التجار العملاء لتحديد قوائم البضائع المسموح دخولها أو المحظورة، بهدف التحكم في السوق الداخلية للقطاع ورفع أسعار المواد الأساسية حدّ الجنون.

ويكفي القول إن ناهض ضبان بات اسماً مرادفاً للسمسرة على دماء الغزيين، بينما يعيش حياة مرفّهة في القاهرة، بعيداً عن أصوات القصف وأنين الجوع.

محمود ناهض ضبان… الذراع التنفيذية في الداخل

لكن الأخطر أن ناهض ضبان لم يترك عمله القذر دون امتداد في غزة. فهناك محمود ناهض ضبان، الذي يُعد الذراع التنفيذية لشبكة أخيه داخل القطاع.

يتحرك محمود بين التجار وأصحاب المستودعات ومخازن الغذاء والدواء، ويشرف على تنفيذ تعليمات شقيقه بخصوص البضائع التي يجب إدخالها أو حجزها أو حتى إخفائها لإحداث أزمات مفتعلة في السوق.

ببساطة، محمود ضبان ليس مجرد تاجر؛ بل عنصر خبيث يعمل على تكريس الحصار من الداخل، مستغلاً حاجة الناس إلى الغذاء والدواء، ليتربح من أوجاعهم ويحقق أرباحاً طائلة على حساب لقمة عيشهم. ولعلّ أكثر ما يثير الغضب أن هذا الرجل يواصل أنشطته في قلب غزة الجريحة، غير عابئ بحجم الجريمة التي يرتكبها بحق أبناء بلده.

فادي ديب… الوسيط القذر

في قلب هذه الشبكة يظهر اسم فادي ديب، أحد الوسطاء المحليين في غزة، الذي يشرف على توزيع البضائع على المحال التجارية. لا يختلف ديب عن باقي الأسماء إلا في موقعه داخل اللعبة.

فهو يملك القدرة على التحكم بتدفق السلع إلى الأسواق أو تجفيفها، ما يجعله أحد أدوات الاحتلال في إدارة الحصار الصامت.

ديب يعمل كحلقة وصل بين التجار الكبار الذين يتحركون بتوجيهات الاحتلال وبين السوق المحلية. وبات معلوماً أنه يتلاعب بكميات البضائع وأسعارها، ما يتسبب أحياناً في أزمات حادة كالاختفاء المفاجئ للطحين أو الأرز أو الأدوية، ليُعاد طرحها لاحقاً بأسعار مضاعفة. إنه تاجر أزمات يعتاش على الكارثة، دون أدنى شعور بالمسؤولية أو الانتماء.

عزات عقل… عرّاب تبييض الأموال في تركيا

يبقى عزات عقل، الذي غادر غزة إلى تركيا، ليؤسس هناك شبكة تحويلات مالية ضخمة تُستخدم لتبييض أرباح هذه التجارة القذرة.

يدير عقل شبكة مالية تُحول الأموال التي يجمعها هؤلاء المرتزقة من عملياتهم المشبوهة، سواء من عمولات على دخول السلع أو من أرباح السوق السوداء، إلى حسابات آمنة خارج القطاع، بعيداً عن أي رقابة.

ولا يقف دوره عند التبييض المالي فقط؛ بل يشرف عقل على تمويل عمليات شراء البضائع التي يحتكرها شركاؤه في غزة، ثم يعيد تدوير أرباحها في أسواق خارجية، لتختفي آثارها القانونية والضريبية. إنه الوجه المالي للاحتلال داخل جسد غزة، الذي يؤمّن استمرار الجريمة ويحمي رؤوس العصابة من الملاحقة.

خنجر الاحتلال في خاصرة غزة

هؤلاء الخمسة ليسوا مجرد تجّار أو وسطاء، بل مرتزقة بالمعنى الحرفي للكلمة، ارتضوا لأنفسهم أن يكونوا خنجراً في خاصرة غزة، يطعنها من الداخل بينما يواصل الاحتلال حرب الإبادة من الخارج.

إن جريمة هؤلاء لا تقف عند حدود الربح المالي؛ فهم شركاء في مخطط الاحتلال لكسر إرادة غزة عبر سلاح التجويع. ومن العار أن يبقى هؤلاء طلقاء دون محاسبة، في وقت يتضور فيه الناس جوعاً، ويبحثون عن لقمة أو جرعة دواء.

والأسماء المذكورة أعلاه تمثل قائمة سوداء لخيانة غزة. والمطلوب اليوم ليس مجرد فضحهم في وسائل الإعلام، بل السعي الجاد لمحاكمتهم وملاحقتهم قانونياً، وتجفيف منابع أرباحهم المشبوهة، لأن استمرار هؤلاء في أعمالهم يعني المزيد من الجوع والانهيار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى