نضال السبع.. بوق رخيص للاحتلال لتقويض روح المقاومة وتشويه إنجازاتها

في زمنٍ تتصاعد فيه التحديات أمام الشعب الفلسطيني، وتتشابك فيه معارك الميدان مع معارك الإعلام والسردية، يترز أصوات تجهد لتقويض روح المقاومة وتشويه إنجازاتها، من أمثلتها نضال السبع، الذي يقدّم نفسه كباحث في الشأن السياسي، فيما لا يرى فيه كثيرون سوى بوق دعائي رخيص يتساوق مع الرواية الإسرائيلية ويعيد إنتاج خطابها ضد المقاومة الفلسطينية.
من هو نضال السبع؟
وُلد نضال سعيد السبع في مدينة طرابلس شمال لبنان بتاريخ 1 يناير 1971، وهو الابن الأصغر لـ سعيد السبع، أحد القيادات المؤسسة في منظمة التحرير الفلسطينية.
ورغم الخلفية العائلية المرتبطة بتاريخ النضال الفلسطيني، إلا أن نضال اختار مسارًا سياسيًا وإعلاميًا بعيدًا تمامًا عن إرث والده، مسارًا اتسم — منذ سنوات طويلة — بالتحريض المستمر على المقاومة الفلسطينية ومحاولة النيل من مشروعها التحرري.
ومنذ انطلاقة انتفاضة الأقصى وحتى أحداث 7 أكتوبر 2023 وما بعدها، لم يترك نضال السبع مناسبة إلا وهاجم فيها المقاومة. يظهر في مقابلاته الإعلامية ومقالاته كمن يبحث في كل ثغرة أو أزمة إنسانية ليحمّل المقاومة مسؤوليتها، متجاهلًا أن الاحتلال هو السبب الجذري لكل المآسي التي يعيشها الفلسطينيون.
وقد اعتاد السبع أن يصف عمليات المقاومة بأنها “مغامرات عبثية” و”مجازفات غير محسوبة”، متجاهلًا التضحيات التي أجبرت الاحتلال على الانسحاب من غزة عام 2005، أو تلك التي فرضت معادلات ردع جديدة في معارك 2008 و2014 و2021.
وفي خطابه العلني، يتعمد التقليل من أي إنجاز عسكري أو سياسي تحققه المقاومة، بل يذهب أبعد من ذلك ليحمّلها مسؤولية تدمير غزة، وكأن الاحتلال بريء من المجازر الممنهجة والقصف الذي لا يفرق بين بشر وحجر.
نضال السبع ويكيبيديا
أخطر ما يميز خطاب نضال السبع هو انخراطه في إعادة تدوير الدعاية الإسرائيلية، خصوصًا حين يتعلق الأمر بتحميل المقاومة وزر الكارثة الإنسانية في غزة.
في أكثر من إطلالة تلفزيونية، كرر السبع أن “المقاومة هي السبب في معاناة سكان غزة”، متجاهلًا حصارًا مستمرًا منذ 18 عامًا ومجازر راح ضحيتها عشرات الآلاف.
عندما يتحدث الاحتلال عن ضرورة “تجريد غزة من السلاح”، يظهر السبع بخطاب مشابه تقريبًا، مبررًا ذلك بكونه “شرطًا لأي استقرار”.
وفي ذروة العدوان الإسرائيلي بعد 7 أكتوبر، صمت السبع عن الحديث عن جرائم الاحتلال، وركز بدلاً من ذلك على “مسؤولية حماس والمقاومة” وكأنها هي التي قصفت المستشفيات والمدارس والمخيمات.
ويؤكد مراقبون أن هذا التماهي الصريح مع الخطاب الإسرائيلي جعله في نظر كثير من المراقبين جزءًا من ماكينة إعلامية هدفها ضرب معنويات الفلسطينيين وتشويه صورة المقاومة في الوعي العربي.
نضال السبع يحرض على المقاومة
لم يكتفِ نضال السبع بالتحريض السياسي والإعلامي، بل مارس التشهير الشخصي بحق قيادات المقاومة. المثال الأبرز كان حين شكك علنًا في استشهاد يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، وادعى في تصريحاته أنه “يعيش مع عائلته في تل أبيب”.
هذه التصريحات تعكس نهجًا متعمدًا لتشويه رموز المقاومة والتحريض عليهم، وهي مزاعم تسقط أخلاقيًا قبل أن تسقط سياسيًا، لأنها لا تستند إلى أي دليل، وتكشف أن صاحبها يتحرك وفق أجندة موجهة أكثر مما يتحرك كباحث مستقل.
إذ يحاول نضال السبع التغطية على خطابه عبر تقديم نفسه كـ”باحث في الشأن السياسي”. لكن مضمون خطابه وأدواته الإعلامية لا تشبه الباحثين، بل أقرب إلى بروباغندا متكررة تنقل سرديات الاحتلال وتعكس مواقف أنظمة عربية تسعى لتصفية القضية الفلسطينية.
فالباحث الحقيقي يقدم قراءة موضوعية، بينما السبع يتبنى خطابًا أحاديًا منحازًا ضد المقاومة ويركز على شيطنة الفصائل بل وحتى يمارس السخرية من دماء الشهداء ويعيد إنتاج لغة التشويه الإسرائيلية.
شبكة أفيخاي ويكيبيديا
مواقف نضال السبع ليست معزولة عن سياق أوسع. فهي تعكس أزمة جزء من النخبة العربية والفلسطينية التي تخلت عن مشروع المقاومة وتحولت إلى أبواق تعيد إنتاج سردية الاحتلال.
هؤلاء يرون في المقاومة تهديدًا لمشاريعهم الحزبية أو علاقاتهم مع العواصم الغربية والعربية المطبّعة، لذلك ينخرطون في معركة التشويه.
لكن الحقيقة التي يتهرب منها أمثال السبع أن المقاومة، رغم التضحيات الهائلة، أعادت الاعتبار لفكرة التحرر، وكسرت صورة “الجيش الذي لا يُقهر”، وأثبتت أن الاحتلال ليس قدرًا أبديًا.
وعليه فمن خلال رصيده التحريضي المستمر، وممارسته التشهير بحق قيادات المقاومة، وتبنيه رواية الاحتلال عن غزة، لم يعد نضال السبع مجرد باحث سياسي مثير للجدل، بل تحول إلى بوق دعائي يخدم الاحتلال الإسرائيلي وأجنداته.
ومهما حاول تلميع صورته كباحث أو محلل، تبقى مواقفه شاهدًا على انحراف بعض الأصوات الفلسطينية والعربية عن جوهر القضية، وسقوطها في مستنقع الدعاية الرخيصة.