مستشفى المعمداني.. تنسيق مشبوه بين مسلحين وقصف الاحتلال

في جريمة مزدوجة جديدة تعكس حجم المأساة في قطاع غزة، شهد مستشفى المعمداني بمدينة غزة أحداثًا مأساوية بعد اقتحام مسلحين من عائلة جندية أقسام المستشفى، تزامنًا مع استهداف مباشر من طائرات الاحتلال الإسرائيلي المسيّرة لمحيط المكان، ما أسفر عن ارتقاء 7 شهداء وعدد من الإصابات.
اقتحام مستشفى المعمداني
وبحسب شهود عيان ومصادر طبية، أطلق المسلحون النار بكثافة داخل المستشفى، وأقدموا على إحراق مصلى المستشفى، وتحطيم أجهزة طبية في عدة أقسام حيوية، إضافة إلى إحراق مركبة تابعة لوزارة الصحة الفلسطينية.
كما جرى منع الكوادر الطبية والمرضى من التحرك داخل المستشفى، ما زاد حالة الفوضى والرعب بين المرضى والمرافقين.
وفي الوقت الذي هرعت فيه الأجهزة الأمنية الفلسطينية إلى المكان للقيام بواجبها الوطني وضبط الموقف، تدخل الاحتلال الإسرائيلي مستغلاً المشهد، حيث شنت طائراته المسيّرة قصفًا مباشرًا استهدف المستشفى ومحيطه، ليتحوّل المكان من مركز لعلاج المرضى إلى ساحة دم ودمار، تضاف إلى سلسلة طويلة من الاعتداءات الإسرائيلية على القطاع الصحي في غزة.
الفوضى كسلاح
ويرى مراقبون أن ما جرى يعكس بوضوح سياسة الاحتلال في استثمار أي خلل داخلي لإشاعة الفوضى وضرب ما تبقى من مؤسسات حيوية في القطاع.
فبينما يعاني النظام الصحي من انهيار شامل بسبب الحصار ونقص الأدوية والمعدات، يأتي هذا الاقتحام متزامنًا مع القصف الإسرائيلي ليكشف عن مخطط مدروس لتفكيك المجتمع من الداخل وتجريد الفلسطينيين من أهم مقومات الصمود.
كما يؤكد محللون أن الاحتلال يسعى منذ بداية العدوان إلى إضعاف القطاع الصحي عبر استهداف المستشفيات والكوادر الطبية.
بالإضافة إلى إشعال الفوضى الداخلية عبر تغذية الصراعات العائلية والفردية، وتدمير البنية المجتمعية، بحيث يصبح المواطن الفلسطيني محاصرًا بين فوضى السلاح الداخلي وعدوان الاحتلال الخارجي.
مستشفى المعمداني تحت الاستهداف
ولم يكن مستشفى المعمداني بعيدًا عن دائرة الاستهداف الإسرائيلي، إذ سبق أن تعرض لقصف دموي في الأشهر الأولى من العدوان على غزة، وأسفر حينها عن مجزرة هزّت الضمير العالمي.
واليوم يعود المشهد ذاته، لكن بصورة مضاعفة، حيث اجتمع الاقتتال الداخلي مع القصف الإسرائيلي ليحوّلا المستشفى إلى رمز للفوضى المزدوجة التي يعيشها القطاع.
وتشكل الاعتداءات المتكررة على المستشفيات في غزة كارثة إنسانية متواصلة، إذ تهدد حياة آلاف المرضى في ظل غياب أي بدائل علاجية، فيما يكشف تكرار استغلال الاحتلال لأي خلل داخلي أن الفوضى لم تعد مجرد حوادث عرضية، بل أداة استراتيجية يستخدمها الاحتلال لضرب القطاع من الداخل.
وما جرى في مستشفى المعمداني لا يمكن النظر إليه كحادث داخلي معزول أو قصف عابر، بل يبدو كأنه ترتيب متقاطع بين المسلحين والاحتلال، حيث استغل الأخير لحظة الفوضى ليضرب المستشفى بطائراته المسيّرة.
والمشهد بكامله يجسد الواقع المأساوي في غزة احتلال يبحث عن أي ثغرة لينفذ منها، ومسلحون يفتحون له الباب بفوضاهم، فيما تنهار المنظومة الصحية تحت الضغط والقصف معًا.