تحليلات واراء

سلوان عيسى تتحول إلى بوق لشبكة “أفيخاي” للتحريض على المقاومة

في الوقت الذي يعيش فيه قطاع غزة واحدة من أكثر الحروب دموية في تاريخه، تبرز أصوات على منصات التواصل الاجتماعي تتماهى بشكل مباشر أو غير مباشر مع ماكينة الدعاية الإسرائيلية.

من بين هذه الأصوات، الناشطة سلوان عيسى، التي تحولت تغريداتها إلى مادة دعائية تُستخدم في تحميل فصائل المقاومة الفلسطينية مسؤولية حرب الإبادة الجماعية المستمرة، وتبرئة الاحتلال من جرائمه.

وتُعرّف سلوان عيسى نفسها كناشطة من غزة، لكن ما تنشره يتجاوز إطار النقد الداخلي الطبيعي ليصبّ في اتجاه يخدم الرواية الإسرائيلية.

فهي تركّز في منشوراتها على اتهام فصائل المقاومة بإطالة أمد الحرب والتسبب في معاناة المدنيين، متجاهلة حقيقة أن الاحتلال هو من بدأ الحرب ويواصل قصف المستشفيات والمدارس والبنية التحتية.

وما يثير الانتباه أن خطاباتها لا تقتصر على النقد بل تحمل نَفَسًا دعائيًا، يتناغم مع ما تبثه صفحات ناطق جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي، المعروف باستخدامه الإعلامي الناعم والناشط لتشويه المقاومة الفلسطينية وضرب الجبهة الداخلية.

سلوان عيسى ويكيبيديا

من أبرز تغريدات سلوان عيسى التي أثارت موجة استنكار واسعة:

“نعول على رحمة إسرائيل لوقف الحرب”، في تجاهل صارخ لحقيقة أن إسرائيل هي قوة محتلة قتلت أكثر من 62 ألف فلسطيني خلال الحرب الجارية، معظمهم من النساء والأطفال.

“هل يُدرك الوفد المُفاوض بكروشهم المُتدلية جوع مليونيّ إنسان؟ هل يضعهم في الحُسبان؟”، وهي صياغة تحمل دلالات تحقيرية للمقاومة وتنسجم مع خطاب الدعاية الإسرائيلية الذي يسعى لشيطنة المفاوضين الفلسطينيين وإظهارهم كمسؤولين عن تجويع السكان.

هذه العبارات لا تُعد مجرد انتقاد، بل أداة للتحريض على المقاومة وإضعاف ثقة الناس بها، وهو ما يحقق هدف الاحتلال الأساسي في ضرب التماسك المجتمعي داخل غزة.

ومن خلال تتبع محتوى تغريدات سلوان عيسى، يتضح أنها تركز على ثلاثة محاور رئيسية:

إلقاء اللوم على المقاومة: تحميلها مسؤولية الموت والجوع بدلًا من الاحتلال.

التشكيك في جدوى المفاوضات: تصوير الوفود الفلسطينية على أنها منفصلة عن الواقع ومعزولة عن معاناة الناس.

تبرئة الاحتلال ضمنيًا: عبر استخدام لغة تلمّح إلى أن إسرائيل قد تكون “أكثر رحمة” من قيادات المقاومة.

هذه المحاور تتطابق مع خطاب “أفيخاي أدرعي” وصفحات الذباب الإلكتروني الإسرائيلي التي تحاول استغلال الضائقة الإنسانية في غزة لتوجيه الغضب الشعبي نحو الداخل الفلسطيني بدلًا من الاحتلال.

شبكة أفيخاي ويكيبيديا

يؤكد مراقبون أن ما تمارسه سلوان عيسى لا يقف عند حدود حرية التعبير، بل يدخل في إطار الحرب النفسية والإعلامية التي تُشن على غزة منذ بدء العدوان.

فالاحتلال لا يعتمد فقط على صواريخه وقنابله، بل يوظف أيضًا “أصواتًا فلسطينية” لتبدو كأنها معارضة من الداخل، فتمنحه غطاءً دعائيًا وتبرر جرائمه أمام العالم.

هذا النوع من الخطاب يترك أثرًا بالغ الخطورة على الجبهة الداخلية، حيث يعزز الانقسام، ويضعف الثقة بين المقاومة والشعب، ويفتح الباب أمام استغلال الاحتلال لمعاناة الناس كأداة ابتزاز سياسي.

وبينما تنشغل تغريدات سلوان عيسى بإلقاء اللوم على المقاومة، الواقع في غزة يُظهر أن الاحتلال هو المتسبب الرئيسي في الكارثة:

تدمير أكثر من 80% من البنية التحتية للقطاع.

تهجير نحو مليوني فلسطيني قسريًا.

استهداف المستشفيات والمدارس ومراكز الإيواء.

فرض حصار خانق منع وصول الغذاء والدواء والوقود.

وإن هذه الأرقام والوقائع تجعل أي حديث عن “رحمة إسرائيل” انفصالًا تامًا عن الواقع، وتحولًا إلى أداة تبرير لجريمة الإبادة.

وجدير بالتذكير أن التجارب السابقة أثبتت أن الاحتلال الإسرائيلي دائمًا ما يبحث عن “شركاء محليين” في معركته الإعلامية. فوجود ناشط أو شخصية من غزة تتحدث بلسان يشبه خطابه يمنحه مصداقية مزيفة ويتيح له الادعاء بأن الفلسطينيين أنفسهم يحمّلون المقاومة مسؤولية مأساتهم.

بهذا المعنى، تصبح تغريدات سلوان عيسى وأمثالها جزءًا من منظومة الحرب النفسية التي تستهدف الفلسطينيين في غزة والعالم العربي، وهي ليست مجرد آراء شخصية معزولة.

إذ أن حالة سلوان عيسى تجسد نموذجًا خطيرًا لكيفية تحول بعض الأصوات الفلسطينية إلى أبواق دعائية للاحتلال، سواء بوعي أو بدونه. وبينما يواصل الاحتلال ارتكاب المجازر وقتل عشرات الآلاف، تساهم هذه الأصوات في حرف الأنظار عن المجرم الحقيقي، وتوجيه الغضب نحو الضحية ذاتها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى