تحليلات واراء

منير الجاغوب.. نموذج الوقاحة السياسية في زمن الخيانة والعمالة العلنية

ذهب منير الجاغوب القيادي في حركة فتح وأحد أكثر وجوه شبكة أفيخاي انكشافًا وارتزاقًا، حد التصريح بكل صفاقة بأن “بقاء سلاح المقاومة في غزة مرتبط بتنسيق مع واشنطن ووصفة للتهجير!”، وكأن الرجل يتحدث باسم العدو لا باسم من يدّعي الانتماء لشعبٍ ما زال يُقصف ويُحاصر منذ عامين.

لكن، ما وراء هذه التصريحات الفجّة؟ ولماذا يتحول منير الجاغوب، القيادي السابق في حركة فتح والمسؤول الإعلامي السابق في مفوضية التعبئة والتنظيم، إلى بوقٍ مدني لأجهزة الأمن الإسرائيلية؟ الجواب ببساطة: لأنه جزء من ماكينة سياسية وإعلامية هدفها شيطنة المقاومة وتبرير الخيانة، في الوقت الذي تخوض فيه غزة معركتها الوجودية ضد آلة الإبادة الإسرائيلية.

منير الجاغوب.. الصوت الفلسطيني في خدمة أفيخاي

من يتابع منشورات الجاغوب على مدار أشهر حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة يدرك أن الرجل يتحدث بلغة الأمن الإسرائيلي أكثر من لغة الفلسطينيين.

هو يكرر نفس سردية الاحتلال التي تخلط بين المقاومة والبلطجة، وتتهم كتائب القسام وسرايا القدس بأنها “تدمر المجتمع الفلسطيني”، متجاهلًا أن الاحتلال نفسه هو من يقتل ويهدم ويجوّع ويمنع المساعدات.

الجاغوب، الذي يقدم نفسه كـ”قيادي في فتح”، أصبح فعليًا الناطق غير الرسمي باسم الاحتلال داخل الساحة الفلسطينية.

فبينما تُحاكم المقاومة العملاء والمتخابرين في غزة وفق قانون الثورة، يقف هو في صف أولئك الخونة، يهاجم المقاومة ويطالب بوقف “الإعدامات” وكأنها جرائم، بينما يصمت عن قصف الاحتلال للمستشفيات والمدارس وقتل آلاف الأطفال.

إنه منطق “العميل المقهور”: يصرخ باسم العدالة حين يُعاقَب الجواسيس، ويصمت حين يُقتل الأبرياء.

من التنسيق الأمني إلى الدفاع العلني عن الاحتلال

ليس غريبًا أن يتحدث الجاغوب بهذه الوقاحة، فالرجل نتاج مباشر لثقافة التنسيق الأمني التي حولت أجهزة السلطة إلى ذراع ميدانية للاحتلال في الضفة.

هذه الأجهزة التي داهمت مخيمات طولكرم وجنين ونابلس، واعتقلت المقاومين وسلّمتهم إلى جيش الاحتلال، هي التي يتفاخر الجاغوب بالدفاع عنها ويهاجم كل من يفضحها.

فحين كانت المقاومة تخوض معاركها في جنين، لم يظهر صوت الجاغوب إلا لاتهام المقاومين بـ”العنف الداخلي”.

وحين سقط الشهداء في مخيم نور شمس وتعرّضت المدينة للحصار الإسرائيلي الكامل، خرج يتحدث عن “سلاح الفوضى” بدلاً من أن يهاجم من احتل المخيم ودمر البيوت.

لذلك، حين يتحدث اليوم عن “سلاح المقاومة في غزة”، فهو لا يتحدث عن السلاح كفكرة، بل عن الخوف الذي يسكن قلبه من السلاح المقاوم، لأنه السلاح الذي لا يخضع للجنرال الإسرائيلي الذي يمنحه تصاريح الحركة والامتيازات.

وبحسب مراقبين فإن تفسير صراخ الجاغوب ورفاقه في شبكة أفيخاي بسيط: إنهم خائفون. فالمقاومة في غزة شرعت في تطهير القطاع من العملاء والبلطجية واللصوص الذين استغلوا الفوضى لنشر الجريمة أو للتعاون مع الاحتلال.

وهذه العملية أربكت الأجهزة التي تموّلها السلطة وبعض الجهات الخارجية، لأن كثيرًا من هؤلاء المرتزقة على ارتباط مباشر بمراكز نفوذ مالية وأمنية في رام الله والقاهرة.

لذلك، يخرج الجاغوب وغيره من نفس المنظومة ليهاجموا “محاكم المقاومة” ويتحدثوا عن “العدالة”، بينما الهدف الحقيقي هو التغطية على شبكاتهم التي تم تفكيكها.

فالمقاومة لم تُعدم أحدًا عبثًا، بل بعد محاكمات ثورية واضحة، ثبت فيها تورط البعض في تمرير معلومات للاحتلال عن مواقع قادة ميدانيين، ما أدى إلى اغتيالهم.

حين يتحدث منير الجاغوب عن السلاح، ينسى أو يتناسى أن سلاح السلطة الفلسطينية لم يُوجّه يومًا إلى الاحتلال، بل إلى صدور الفلسطينيين أنفسهم.

هو السلاح الذي قتل الشبان في نابلس وجنين وطولكرم، وسلّم المقاومين إلى المخابرات الإسرائيلية تحت شعار “التنسيق الأمني”.

وهو السلاح الذي غطّى اجتياحات الجيش الإسرائيلي للمخيمات، وسمح بتهجير آلاف العائلات، بينما كان قادته يحتفلون في فنادق الخليل ورام الله بالمساعدات الأميركية.

فبأي وجهٍ يتحدث الجاغوب عن “سلاح حماس” أو “وصفة التهجير”؟ ومن الذي هجّر المخيمات أصلًا؟ ومن الذي سمح للاحتلال بإعادة احتلال مناطق “أ” التي يفترض أنها تحت السيادة الفلسطينية؟

الإجابة واضحة: إنها السلطة التي يمثلها الجاغوب، التي تحولت إلى أداة ضبط لصالح الاحتلال، تموّلها المساعدات الأميركية وتمنحها تل أبيب الضوء الأخضر للبقاء.

وعليه فإن منير الجاغوب ليس مجرد شخص يهاجم المقاومة، بل رمزٌ لمنظومة الانحطاط السياسي التي صنعتها السلطة لتخدم الاحتلال وتبرر قمع الفلسطينيين.

وهو نموذج السياسي المأجور الذي يبيع الموقف مقابل امتياز، والناطق باسم سلطةٍ فقدت احترامها وشعبها.

وبينما يسقط الشهداء في غزة ويتغول الاحتلال في العدوان على المدن الفلسطينية، لا يرى الجاغوب إلا فرصة للتهجم على المقاومة التي تحفظ ماء وجه فلسطين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى