معالجات اخبارية
أخر الأخبار

رئيس سوريا الجديد يغازل إسرائيل.. شراكة أمنية قيد التشكل؟

في أول إطلالة إعلامية منذ تسلّمه منصب رئاسة الجمهورية، فاجأ رئيس سوريا الجديد أحمد الشرع الجميع باختياره منصة صهيونية أمريكية ليطلق منها إشارات بالغة الحساسية تتعلّق بمستقبل العلاقة بين دمشق وتل أبيب.

ففي مقابلة مع صحيفة Jewish Journal، المعروفة بولائها الواضح للاحتلال الإسرائيلي، دعا الشرع إلى إنهاء “عصر الغارات اللامتناهية”، وفتح الباب أمام ما أسماه “شراكة أمنية مستقبلية مع إسرائيل”، في تحول يُنبئ بمرحلة سياسية غير مسبوقة في تاريخ سوريا الحديث.

رئيس سوريا الجديد والتنسيق الأمني

وفي تصريح صادم حمل رسائل مباشرة، قال الشرع: “سأكون واضحًا: عصر الغارات اللامتناهية يجب أن ينتهي. لا تزدهر أي دولة وسماءها مملوءة بالخوف. لدينا أعداء مشتركين، ويمكن أن نصل إلى شراكة أمنية مع إسرائيل في المستقبل”.

بهذه الكلمات، بدا واضحًا أن الرئيس السوري الجديد لا يتحدّث عن مجرد تهدئة أو وقف استهداف، بل عن تغيير جذري في العقيدة السياسية والعسكرية للنظام السوري، يُمهّد لاحتمالات التنسيق مع العدو التاريخي تحت مبررات “مواجهة الأعداء المشتركين”.

دروز الجولان في صلب الخطاب

ولم يكن حديث الشرع عن اتفاق فصل القوات لعام 1974 محض تذكير سياسي، بل طرحه كرغبة حقيقية في العودة إليه، من باب حماية أبناء الطائفة الدرزية في الجولان السوري المحتل.

وأكد أن “الدروز في سوريا مواطنون أصيلون ومخلصون، ويستحقون الحماية. أمنهم ليس موضوعًا للتفاوض”.

وهذا التوجه أعاد تسليط الضوء على سياسات التطبيع الناعم عبر الطوائف، والتي لطالما كانت أحد مداخل الاحتلال في محاولات شرعنة وجوده في الجولان.

شراكة أمنية قيد التشكل

واللافت في المقابلة أيضًا، كان امتداح الشرع للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي وصفه بـ”رجل السلام”، معتبرًا أنه الوحيد القادر على تصحيح المسار في الشرق الأوسط.

وهذا الغزل العلني لا يبدو منفصلًا عن السياق العام الذي يحاول الشرع من خلاله إعادة تموضع سوريا دوليًا عبر البوابة الأمريكية–الإسرائيلية، بعد سنوات من العزلة والانهيار في عهد سلفه بشار الأسد.

وتحدث الشرع عن الإرث الثقيل الذي تحمله حكومته بعد سقوط النظام السابق، واصفًا سوريا بأنها خارجة من أعماق المأساة، لكنها لا تبدأ من الصفر.

وقال بوضوح: “ورثنا الخراب وانعدام الثقة، لكننا ورثنا أيضًا الأمل، وهذا الأمل هش، لكنه حقيقي”.

وفيما بدت كلماته محاولة لبناء شرعية جديدة، فإن السياق السياسي الذي وضع نفسه فيه يُشير إلى أن سوريا ما بعد بشار تسير بخطى حذرة نحو التطبيع العلني مع إسرائيل.

منصة صهيونية برسائل مزدوجة

واختيار الشرع لهذه الصحيفة تحديدًا لم يكن محض صدفة. Jewish Journal تصدر من لوس أنجلوس وتُعد من أبرز المنصات المؤيدة لإسرائيل في الولايات المتحدة، وتتبنى سرديات الاحتلال بالكامل، خاصة في ما يتعلق بتبرير جرائمه ضد الفلسطينيين.

وبالتالي، فإن إجراء هذه المقابلة عبرها يعكس توجهًا محسوبًا نحو تقديم أوراق اعتماد سياسية للدوائر الصهيونية في واشنطن، على أمل أن تلعب دورًا في إعادة تأهيل النظام الجديد عالميًا.

ومن الواضح أن خطاب رئيس سوريا الجديد أحمد الشرع لا يندرج فقط ضمن سياق “سلام الضرورة”، بل يبدو أشبه بإعلان انضمام متأخر إلى موجة التطبيع العربي مع إسرائيل، التي قادتها أبو ظبي والرباط والمنامة في السنوات الأخيرة.

ولكن ما يجعل هذه الحالة أكثر تعقيدًا، هو أن سوريا كانت، لعقود، تُقدم نفسها باعتبارها “قلعة الممانعة”، واليوم يتحول رأس سلطتها الجديد إلى مروّجٍ للتعايش مع المحتل، بحجة الأمن والمصالح المشتركة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى