
في الوقت الذي تواصل فيه السلطة الفلسطينية تقديم خدمات أمنية لإسرائيل، وتضييق الخناق على فصائل المقاومة في الضفة الغربية، تخرج من داخل المؤسسة الاستيطانية الإسرائيلية دعوات علنية لحل السلطة نفسها، وطيّ صفحتها بالكامل، باعتبارها “عقبة أمام الأمن الإسرائيلي”، بحسب تعبيراتهم.
وأحدث هذه الدعوات جاءت على لسان شاي ألون، رئيس مجلس مستوطنة بيت إيل، الذي كتب في صحيفة معاريف أن ما بعد الحرب على إيران يجب أن يُستثمر لـ”تحييد العدو القريب”، أي السلطة الفلسطينية، عبر حلها بالكامل ونقل المهام الإدارية إلى جهات غير مسلحة.
دعوات إسرائيلية لحل السلطة
ومنذ سنوات، تواظب السلطة الفلسطينية على تنفيذ سياسات أمنية تصب في مصلحة الاحتلال، تشمل تبادل المعلومات، واعتقال المقاومين، وقمع الفعاليات المناهضة للاحتلال، وكل ذلك تحت مظلة ما يسمى بـ”التنسيق الأمني”.
ومع ذلك، لا يرى اليمين الإسرائيلي في هذه الإجراءات أي مبرر لبقاء السلطة، بل يعتبرها – وفقًا لشاي ألون – جسمًا يجب تفكيكه كليًا، ضمن مشروع لإعادة تشكيل الضفة الغربية بما يتماشى مع الرؤية الصهيونية.
ويرى ألون أن الانتصار الإسرائيلي على إيران يجب أن يُستكمل داخليًا عبر “إغلاق الملفات العالقة” في الضفة.
وبالنسبة له، السلطة الفلسطينية ليست شريكًا، بل كيان يجب إنهاؤه، مشيرًا إلى أن “الزخم الاستراتيجي الحالي يجب أن يصل إلى الضفة الغربية لتصفية البنية السياسية المتبقية للفلسطينيين”.
ويضيف: “البيئة الشعبية الفلسطينية معادية… مخيمات اللاجئين في نابلس وجنين هتفت ضد إسرائيل خلال الحرب، وهذا دليل على فشل السلطة في تغيير المزاج العام”، وهو ما يستخدمه كمبرر للمطالبة بتفكيكها.
السلطة تحت النار
والمفارقة الكبرى أن السلطة الفلسطينية تقف في موقع لا تحسد عليه، شعبيًا، تُتهم بخيانة القضية وملاحقة المقاومة، وسياسيًا، تُهمّش عربيًا ودوليًا، وإسرائيليًا، تُطرح على طاولة التصفيات كعبء يجب التخلص منه.
ورغم دفاع السلطة المستمر عن استمرار التنسيق الأمني باعتباره وسيلة “لحماية المشروع الوطني”، تكشف التصريحات الإسرائيلية الأخيرة أن هذا الدور لم يعد يُرضي الاحتلال، بل إنه يسعى لتجاوزه بالكامل، عبر فرض واقع إداري جديد، وإعادة تشكيل الضفة سياسيًا وديموغرافيًا.
تصريحات ألون – رغم كونها فردية ظاهريًا – تعكس اتجاهًا سياسيًا متصاعدًا في إسرائيل يسعى لتفكيك السلطة، لا على خلفية صدام معها، بل باعتبار أنها أدت وظيفتها وانتهى دورها.