بهاء بعلوشة: رجل المخابرات الفلسطينية المتورط بالعمالة وتجويع غزة

وسط ركام الحرب والحصار والجوع الذي ينهش غزة، تتكشّف أسماء لمسؤولين فلسطينيين تورطوا ليس فقط في الفساد أو سوء الإدارة، بل في أدوار أكثر خطورة تهدد الجبهة الداخلية الفلسطينية نفسها.
في مقدمة هؤلاء يبرز اسم بهاء بعلوشة، المسؤول في جهاز المخابرات العامة الفلسطينية، الذي تحوّل اسمه إلى رمز للتواطؤ مع الاحتلال، ولمشاريع ضرب وحدة الشعب الفلسطيني، خصوصاً في أحلك ظروفه.
سيرة وظيفية مثيرة للجدل
ينتمي بهاء بعلوشة إلى عائلة فلسطينية معروفة في غزة. وقد برز اسمه ضمن جهاز المخابرات العامة منذ سنوات طويلة، إذ تدرج في عدة مناصب أمنية ذات طابع حساس، وصولاً إلى مهام سرية تتعلق بملفات قطاع غزة، وشؤون الفصائل الفلسطينية، فضلاً عن متابعته النشاطات الميدانية والاجتماعية داخل القطاع.
عرف عن بعلوشة قربه الشديد من قيادات الصف الأول في السلطة وأجهزتها الأمنية، ما جعله من الشخصيات التي تمتلك نفوذاً واسعاً في ملفات متعددة، بينها ملف المعابر، والاتصالات الأمنية مع الاحتلال، وحتى بعض الملفات ذات الطابع المالي.
لكن هذا النفوذ كان دوماً محاطاً بشبهات عن طبيعة تحركاته وارتباطاته، ليتأكد لاحقاً، وفق مصادر متعددة، تورطه في أعمال تصبّ في خدمة الاحتلال الإسرائيلي بشكل مباشر أو غير مباشر.
تورّط في خدمة الاحتلال
تكشف تقارير أمنية وتسريبات إعلامية متطابقة، أن بهاء بعلوشة شكّل حلقة وصل غير معلنة بين جهاز المخابرات الفلسطينية وأجهزة الأمن الإسرائيلية، خصوصاً الشاباك، في سياق سياسة التنسيق الأمني المستمرة رغم كل الدم المسفوك في غزة.
فقد أشار أكثر من مصدر إلى أن بعلوشة شارك في تمرير معلومات أمنية حساسة حول مواقع ومنازل شخصيات مقاومة، وتحركات قادة ميدانيين، بزعم “حماية الأمن الفلسطيني” أو “منع الفوضى”، بينما كانت تلك المعلومات تُستخدم لاحقاً في اغتيالات أو ضربات جوية إسرائيلية، أودت بحياة مقاومين ومدنيين على السواء.
هذه التهم، وإن لم تُعلن رسمياً حتى اللحظة من قِبل القضاء الفلسطيني، إلا أنها تحولت إلى قناعة راسخة لدى قطاعات واسعة من الفلسطينيين في غزة، الذين يرون في بعلوشة وأمثاله أحد الأسباب الخفية خلف دقة الضربات الإسرائيلية التي كثيراً ما طالت قيادات المقاومة.
الجوع كسلاح حرب… بأيدٍ فلسطينية
من أكثر الملفات حقارة التي تثبت تورط بها بعلوشة، وفق شهادات نشطاء ومسؤولين فلسطينيين، دوره في زيادة معاناة قطاع غزة من خلال التواطؤ في سياسة الحصار.
تتحدث مصادر موثوقة عن دور بعلوشة في تعطيل دخول مساعدات إنسانية أو تمرير قوائم انتقائية للأسماء المسموح لها بالحصول على مساعدات غذائية وطبية، وفق اعتبارات سياسية وأمنية.
يذهب البعض إلى أبعد من ذلك، إذ يتهمون بعلوشة بالمساهمة في خطة ممنهجة تهدف إلى استخدام الجوع كسلاح حرب ضد المدنيين في غزة، لتحقيق أهداف سياسية وأمنية، أبرزها دفع السكان للتمرد على المقاومة، أو القبول بحلول سياسية تتماشى مع خط السلطة أو حتى قبول ترتيبات أمنية تضمن السيطرة الأمنية على القطاع بعد الحرب.
هذا التورط يكتسب خطورته من كون بهاء بعلوشة شخصية مطّلعة على تفاصيل دقيقة في ملفات الغذاء والإغاثة، بحكم موقعه الأمني وصلاته بالمؤسسات الدولية العاملة في غزة، إضافة إلى كونه جزءاً من فريق يملك التأثير في قوائم التصاريح الخاصة بدخول البضائع والأفراد.
دعم تشكيل عصابات مسلحة
في سياق أخطر، تشير معطيات موثقة إلى أن بعلوشة تورط في تمويل وتشكيل عصابات مسلحة داخل غزة، استُخدمت كأداة لزرع الفوضى وضرب الجبهة الداخلية الفلسطينية في خضم حرب الإبادة التي تشنها دولة الاحتلال على القطاع.
تقول المصادر إن بهاء بعلوشة لعب دوراً محورياً في توفير التمويل والإمداد لهذه المجموعات التي يُروّج لها إعلامياً على أنها “حركات احتجاجية”، بينما هي في الحقيقة خلايا موجهة لزعزعة الأمن الداخلي، وإثارة الفتن، واستهداف عناصر المقاومة أو المناهضين للسلطة الفلسطينية.
والممارسات على الأرض لهذه العصابات أظهرت الوجه الحقيقي لها، إذ تورطت في أعمال اغتيال، وخطف، وابتزاز مالي، واعتداءات على مقرات الفصائل، وكل ذلك في توقيت حساس تسعى فيه دولة الاحتلال لإكمال مشروعها لتفكيك وحدة القطاع.
الوجه الآخر للحرب
تقول شخصيات فلسطينية بارزة إن أدوار بهاء بعلوشة، وغيره من المتورطين في التواطؤ مع الاحتلال، تكشف عن وجه آخر من وجوه الحرب على غزة.
فالاحتلال لا يستخدم فقط الطائرات والدبابات، بل يعتمد أيضاً على حرب ناعمة يقودها فلسطينيون من الداخل، عبر زرع الانقسامات، وإثارة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، واستخدام التجويع كسلاح، لضرب الروح المعنوية للشعب، وإجبار غزة على الركوع.
ورغم كثافة القصف الإسرائيلي، يرى مراقبون أن الخطر الأكبر قد لا يكون فقط في الصواريخ، بل في هؤلاء الذين يتخفّون وراء مناصب رسمية أو أمنية، بينما يعملون لصالح أجندات الاحتلال، ويستثمرون في آلام شعبهم لتحقيق مصالح شخصية أو سياسية ضيقة.