تحليلات واراء

الغاز الفلسطيني المسروق.. صفقة ذهبية لمصر وإسرائيل في ذروة الإبادة بغزة

فجّرت صفقة الغاز الجديدة بين مصر و”إسرائيل” موجة غضب واسعة على منصات التواصل الاجتماعي، بعدما اعتبرها نشطاء ومحللون مكافأة مباشرة للاحتلال في ذروة حرب الإبادة على قطاع غزة.

الصفقة، التي تقوم – وفق منتقدين – على تسويق الغاز الفلسطيني المسروق بمليارات الدولارات، أعادت فتح أسئلة حادة حول البعد الأخلاقي والسياسي للعلاقات الاقتصادية مع “إسرائيل”، في وقت تتواصل فيه المجازر والحصار بحق أكثر من مليوني فلسطيني في غزة.

تطبيع اقتصادي وسط الإبادة

وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، عبّر نشطاء عن استيائهم من تمرير صفقة غاز ضخمة مع الاحتلال في ظل استمرار المجازر في غزة، معتبرين أن الاتفاق يشكل غطاءً اقتصاديًا يخفف الضغوط عن “إسرائيل” ويمنحها دعمًا غير مباشر في لحظة سياسية وإنسانية بالغة الحساسية.

ويرى ناشطون أن الصفقة تتجاوز بعدها الاقتصادي، لتكرّس واقعًا من التطبيع العملي، وتربط مصالح استراتيجية عربية باستمرار تدفق الموارد من الاحتلال، بدل استخدام الأدوات الاقتصادية للضغط عليه.

وعلق الكاتب ياسين عزّ الدين أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو أعلن إتمام صفقة الغاز مع مصر بعد “أخذ الضمانات الأمنية اللازمة”، على حد وصفه.

وأضاف عزّ الدين:”الصفقة ستبيع الغاز الفلسطيني لمصر بقيمة 35 مليار دولار على مدى 15 عام نصف المبلغ سيذهب لخزينة حكومة الاحتلال من أجل تمويل قتل شعبنا وإبادته.”

وتابع:”جاءت الصفقة وسط أزمات اقتصادية تعاني منها دولة الاحتلال ولتربط المصالح المصرية ببقاء دولة الاحتلال واستمرار تزويدها بالغاز.”

وقال عزّ الدين:”كان بالإمكان شراء الغاز من أماكن أخرى بالعالم، وكان بالإمكان اعتبار أنه لم يتم اكتشاف الغاز في فلسطين، لكن النظام المصري مجرد أجير عند الإمارات وإسرائيل ويفعل ما يخدمهم.”

توقيت صفقة الغاز

وتوقف مراقبون عند توقيت الإعلان عن الصفقة، الذي تزامن مع تصريحات لنتنياهو حول مناقشة الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، معتبرين أن هذا التزامن يحمل رسائل سياسية تتجاوز ملف الطاقة.

وبرأيهم، فإن الصفقة لا تنهي الخلافات المرتبطة بالحرب أو بملفات التهجير والدور الإقليمي، لكنها تسهم في ضبط مستوى التوتر وإبقائه ضمن حدود يمكن التحكم بها، في ظل تشابك المصالح الاقتصادية.

الاقتصاد والطاقة الإسرائيلية

وفي سياق متصل، حذّر نشطاء من أن الصفقة تعمّق اعتماد مصر على الغاز الإسرائيلي، ما يفتح الباب أمام استخدام الطاقة كورقة ضغط مستقبلية، خاصة في ظل سوابق الاحتلال في توظيف الموارد الاستراتيجية لخدمة أهداف سياسية.

وبحسب هذه الآراء، فإن ربط قطاعات حيوية، مثل الكهرباء والصناعة، بإمدادات خاضعة للاحتلال، يطرح تساؤلات حول الأمن الطاقوي، وقدرة أي دولة على المناورة في ظل أزمات سياسية متصاعدة.

وفي المقابل، يرى مغردون ومحللون أن الصفقة جاءت بدافع اقتصادي بحت، لسد فجوة الإنتاج المحلي، في ظل ارتفاع الطلب على الطاقة، مؤكدين أن القاهرة لم تقدم تنازلات سياسية، ولم تغيّر موقفها المعلن من الحرب على غزة.

ويشير أصحاب هذا الرأي إلى أن الاحتلال نفسه لم ينجح في توظيف الصفقة كورقة ضغط سياسية، إذ لم ينعكس الاتفاق على مواقف القاهرة الإقليمية، ما يعكس – بحسبهم – فصلًا بين الخلاف السياسي ومتطلبات الاقتصاد.

ماذا نعرف عن صفقة الغاز؟

صادق رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، الأربعاء، على اتفاق بيع الغاز لمصر بقيمة 112 مليار شيكل (نحو 35 مليار دولار)، بعد تجميد سابق لتنفيذ الصفقة خلال الأشهر الماضية.

وبحسب تقارير إعلامية، جاء تمرير الاتفاق بضغط أميركي، رغم إعلان شركة “نيو ميد”، الشريك في حقل ليفياثان، سابقًا عن اتفاق لتوريد 130 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي إلى مصر.

وتُعد الصفقة تعديلًا لاتفاق وُقّع عام 2019، كان ينص على تصدير نحو 60 مليار متر مكعب حتى عام 2030، لترتفع الكمية بموجب الاتفاق الجديد إلى 130 مليار متر مكعب حتى عام 2040.

ويتضمن الاتفاق مرحلتين؛ تبدأ الأولى عام 2026 بإمدادات جزئية تُقدّر بنحو 20 مليار متر مكعب، فيما تشمل المرحلة الثانية ضخ نحو 110 مليارات متر مكعب بعد استكمال توسعة خطوط الربط بين الحقول الإسرائيلية ومحطات الإسالة في مصر.

وفي ظل استمرار الحرب على غزة، تتكشف صفقة الغاز كخيار سياسي لا يمكن فصله عن الإبادة، حيث يعتبرها نشطاء تطبيعًا اقتصاديًا تقوده مصر، يمنح الاحتلال دعمًا ماليًا في ذروة المجازر، تحت غطاء حسابات الطاقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى